الفصل التاسع
لزوم الفحص عن المخصّص
قد جرت سيرة الفقهاء على عدم جواز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصّص واليأس عن الظفر به ، مثلاً : لا يجوز التمسّك بقوله سبحانه : ( وَحَرَّمَ الرِّبا ) (١) إلا بعد الفحص عن مخصّصه ، كجواز الربا بين الزوج والزوجة والوالد والولد ، أو لا يجوز التمسّك بقوله سبحانه : ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَن تَقْصُُروا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمْ الَّذينَ كَفَرُوا إِنَّ الكافِرينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبيناً ) (٢) قبل الفحص عن مخصصه ، كلزوم الإتمام لكثير السفر ، أو لمن حرم سفره ، أو أقام عشرة أيام في مكان ، وغير ذلك.
وهكذا سائر العمومات ، وهذا أمر اتّفق عليه الفقهاء.
وأوّل من طرح المسألة هو ابن سريج في أوائل القرن الرابع وخالفه تلميذه أبو بكر الصيرفي حيث استشكل على الأُستاذ بأنّه لو وجب الفحص عن المخصّص في التمسّك بالعام وجب الفحص عن قرينة المجاز عند الحمل على الحقيقة ، وسيظهر جوابه فيما نتلوه عليك من الدليل على وجوب الفحص.
__________________
١. البقرة : ٢٧٥.
٢. النساء : ١٠١.