جاء هذا الاعتراض والجواب عنه في آية واحدة ، أعني قوله سبحانه : ( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرآنُ جُمْلَةً واحِدةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ َ وَرَتَّلْناهُ تَرْتيلاً ). (١)
إلى هنا تبيّن انّ السبب لنزول الأحكام والقرآن تدريجاً أمران :
١. اقتضاء مصلحة العباد ذلك.
٢. انّ في النزول التدريجي تثبيتاً لفؤاد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويمكن أن تكون هناك مصالح أُخرى.
هذا كلّه حول القرآن ، وأمّا السنّة ـ أعني : كلام المعصوم ـ فقد وصلت إلينا في فترات تقرب من مائتي وخمسين سنة ، فكانت الظروف مختلفة ، فتارة كانت الظروف تقتضي بيان أصل الأحكام دون بيان مخصّصاتها ومقيّداتها ، وربما كانت الظروف سانحة لبيان تلك المخصّصات والمقيدات ، ولذلك ربّما ترى وجود العام في كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمخصص في كلام الأئمّة عليهمالسلام.
وعلى كلّ تقدير فالعام الذي هو في مظـان التخصيص لا يحتجّ به إلا بعد الفحص عن مخصّصاته ومقيّداته.
نعم لا يجب الفحص عن المخصّص المتصل ، لأنّ سقوطه عن الكلام عمداً ينافي وثاقة الراوي ، وسهواً يخالف الأصل العقلائي المجمع عليه من أصالة عدم السهو في النقل.
وحصيلة الكلام : انّ الواجب على المولى هو بيان التكاليف على النحو الذي لو تفحص عنه العبد لوجده ولا يجب على المولى إيصال التكاليف إلى العبد مباشرة من دون حاجة إلى الفحص والبحث.
__________________
١. الفرقان : ٣٢.