الفحص في الجميع.
ويمكن الإجابة عن هذا الإشكال بأنّه إذا ظفر بالمقدار المعلوم إجمالاً بمجرد مطالعة الكافي يُكشف له بطلان العلم الأوّل ، أعني : كون المخصص حوالي خمسين رواية ، بل يحصل له العلم بسعة دائرة العلم الإجمالي بوجود مخصّصات أُخرى في كتابي : الفقيه والتهذيب ، فيكون الميزان هو وجود العلم الإجمالي أيضاً وانحلاله.
هذا هو الجواب الصحيح عن الإشكال ، غير أنّ المحقّق النائيني أجاب عن الإشكال بوجه آخر.
إنّ المعلوم بالإجمال تارة يكون مرسلاً غير معلّم بعلامة ، وأُخرى معلّماً بعلامة وانحلال العلم الإجمالي بالعثور على المقدار المتيقّن إنّما يكون في القسم الأوّل ، لأنّ منشأ العلم فيه هو ضم قضية مشكوكة إلى قضية متيقّنة ، كما إذا علم بأنّه مديون لزيد وتردد الدين بين أن يكون خمسة دنانير أو عشرة ، وأمّا القسم الثاني فلا ينحلّ به ، بل حاله حال دوران الأمر بين المتبائنين ، ولا انحلال في مثله لعدم الرجوع إلى العلم بالأقل ، والشكّ في الأكثر من أوّل الأمر ، بل يتعلّق العلم بجميع الأطراف بحيث لو كان الأكثر واجباً لكان ممّا تعلّق به العلم وتنجز بسببه وليس الأكثر مشكوكاً فيه من أوّل الأمر. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه لو كان العنوان المتعلّق بالعلم الذي يعبّر عنه المحقّق النائيني بالعلامة ، ذا أثر شرعي لكان لما ذكره وجه ، كما إذا تعلّق العلم الإجمالي بوجود خمسة شياه موطوءة في قطيع غنم ، فقامت البيّنة على حرمة أكل خمسة شياه معينة ، فهذا النحو من العلم التفصيلي لا ينحل به العلم الإجمالي ، بل يجب
__________________
١. فوائد الأُصول : ١ / ٥٤٥.