التخصيص ليس بحجّة عند العقلاء حتّى يفحص عن مخصصه فيكون عدم المخصص مكمّلاً لحجّية العام. نظير الفحص عن الدليل الاجتهادي عند التمسك بالأُصول العملية فانّ موضوع البراءة هو قبح العقاب بلا بيان ولا يحرز عدم البيان إلا مع الفحص ، كما أنّ موضوع التخيير هو عدم الترجيح ولا يحرز ذلك العدم إلا بالفحص.
كما أنّ موضوع الاحتياط هو احتمال العقاب الأُخروي في كلّ من طرفي العلم الإجمالي ولا يحرز إلا بفقد الدليل على أنّ الحرام في جانب معين.
ذهب المحقّق الخراساني إلى القول الثاني وانّ الفحص في المقام فحص عن المزاحم بخلافه في جريان الأُصول العملية.
ولكنّ الظاهر انّ الموردين من باب واحد ، وذلك لما أوضحناه سابقاً من أنّ أساس الاحتجاج أُمور ثلاثة :
١. وجود الدليل الظاهر في مفهومه.
٢. عدم قيام قرينة على خلافه.
٣. كون الإرادة الاستعمالية موافقة للإرادة الجدية.
ولا يُحرز الأخيران إلا بالفحص ، إذ بالفحص يتبيّن وجود القرينة على الخلاف ، كما أنّه بالفحص يتبيّن تطابق الإرادتين ، إذ بوجود المخصّص يظهر عدم المطابقة ومن عدمه يظهر تطابقهما ، والجميع رهن الفحص.
وإن شئت قلت : إنّ العام الذي هو في مظان التخصيص ليس بحجّة فعلية ، بل حجّة شأنية ، لماعرفت من جريان السيرة على عدم الاحتجاج بمثل هذا الكلام إلا بعد الفحص عمّا له مدخلية في تبيين الإرادة الجدية.