وأمّا إذا فرض البعثان غير متزاحمين في مقام التأثير ، بل كان تأثير أحدهما عند عدم تأثير الآخر وخلوّ الظرف من المزاحم ، فلا محالة ينقدح في نفس المولى طلب آخر يتعلّق بالضدّ ، إذ الفعل مقدور للمكلّف ، والأمر الأوّل غير باعث ولا داع ، والزمان خال عن الفعل بحيث لولم يشغله المهمّ ، لكان الزمان فارغاً عن الفعل مطلقاً ، فأيّ مانع من طلب المهم عند عدم تأثير الأهم وعدم باعثيته؟
وهذا التقريب جميل في بابه حقيق بالتصديق ، وقد أجال فكره في مجال التطبيق من دون أن يركز على الدقائق العقلية فيرفع التزاحم بجعل الأمرين في رتبتين ، وبالتالي لم تأخذه هيبة الأمر بالمهم وفعليته في ظرف فعلية الأمر بالأهم الذي صار سبباً لذهاب جمع من الأعاظم إلى امتناع الترتب ، منهم المحقّق الخراساني ومنهم سيدنا العلاّمة الحجّة الكوهكمري ، فقد شغلت بالهم فعلية الأمر بالمهم وقالوا بأنّ نتيجة فعلية الأمرين هي طلب الضدّين.
ونزيد بياناً انّ التلاؤم والتضاد ـ يعني الأمرين ـ أمر عرضي ، ومصبهما هو متعلّقات الأوامر ، وقد عرفت أنّ بين المتعلّقين كمال التلاؤم في المجالات الثلاثة ، والمهم هو مقام الامتثال فانّ تقييد أحد الأمرين بالعصيان يوجب التلاؤم بين الامتثالين.