الأمر ، وقد أثبتنا إمكانه في محلّه بمعنى أن يكون الملحوظ شيئاً معيّناً ولكن الموضوع له أمراً عاماً ، مثلاً : يتصوّر المخترعُ المذياع الماثل أمامه ويضع تلك اللفظة لكلّ ما يماثله في الهيئة والأثر ، فيكون استعماله في غير الماثل أمامَه حقيقياً أيضاً.
اسم الجنس موضوع للماهية الموجودة
وهذه هي النظرية الثالثة في تصوير اسم الجنس وهي انّ الإنسان والشجر والغنم موضوع للماهية الموجودة من هذا النوع ، لأنّ الغاية من الوضع هو إلفات ذهن المخاطب إلى ما يرفع حاجته ويسدّ خُلّته ، والماهية المجردة لا تسمن ولا تغني من جوع ، فالذي يسدّ خُلَّة المخاطب هو الفرد الموجود من الماء والنار وغيرهما لا المفهوم منهما.
والحاصل : أنّ الغاية من الوضع تُحدِّد الموضوعَ له والغاية من الوضع في قسم من المحاورات هو احضار الأشياء التي ترفع الحاجة ، فإذا قال : اسقني ، فهو يطلب الماء الذي يرفع عطشه وليس إلا الماء الموجود بوجوده السّعِيّ.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّه لو كان الوجود جزء الموضوع له يلزم انقلاب القضايا الممكنة إلى الضرورية ، فإذا قلنا : الإنسان موجود ، يكون معناه الإنسان الموجود موجود ويكون من قبيل الضرورة بشرط المحمول فمثله ليس موجوداً بالإمكان ، بل موجود بالضرورة مع أنّا نرى أنّ جهة الحمل في هذه القضايا هي الإمكان لا غير.
فإن قلت : لا مناص في هذه القضايا من تجريد المبتدأ عن الوجود عند حمل الموجود عليه.
قلت : إنّ التجريد خلاف الوجدان أوّلاً ويلزم المجازية في ناحية الموضوع له ، لأنّ اللفظ الموضوع للكلّ استعمل في الجزء وذلك خلاف الوجدان.