وأُخرى على العموم الاستيعابي ، وثالثة على نوع خاصّ ممّا ينطبق عليه حسب اقتضاء خصوص المقام واختلاف الآثار والأحكام كما هو الحال في سائر القرائن بلا كلام ، فالحكمة في إطلاق صيغة الأمر تقتضي أن يكون المراد خصوصَ الوجوب التعييني العيني النفسي فإنّ إرادة غيره تحتاج إلى مزيد بيان ولا معنى لإرادة الشياع فيه فلا محيص عن الحمل عليه فيما إذا كان بصدد البيان ، كما أنّها قد تقتضي العموم الاستيعابي كما في ( أَحلّ اللّه البيع وَحَرّم الرِّبا ) ، إذ إرادة البيع مهملاً أو مجملاً تنافي ما هو المفروض من كونه بصدد البيان ، وإرادة العموم البدلي لا تناسب المقام ولا مجال لاحتمال إرادة بيع اختاره المكلّف أيّ بيع كان مع أنّها تحتاج إلى نصب دلالة عليها لا يكاد يفهم بدونها من الإطلاق ، ولا يصحّ قياسه على ما إذا أخذ في متعلّق الأمر ( جئني برجل ) ، فإنّ العموم الاستيعابي لا يمكن إرادته ، فيحمل على العموم البدلي. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ ظاهر عبارته أنّ هذه النتائج ، من ثمرات مقدّمات الحكمة ولكنّ الحقّ انّه ليس لمقدّمات الحكمة إلا ثمرة واحدة ، وهي كون ما وقع تحت دائرة التشريع تمام الموضوع للحكم فقط ، وأمّا غير ذلك من كون الأمر تعيينيّاً ، لا تخييرياً ، شموليّاً لا بدليّاً أو بالعكس فإنّما هي من مقتضيات اختلاف طبيعة الأحكام.
مثلاً إذا وقعت الطبيعة تحت دائرة الطلب تكون النتيجة هي البدلية لسقوط الأمر بالامتثال بإيجاد الطبيعة في ضمن فرد.
وأمّا إذا وقعت الطبيعة في مقام التشريع تحت دائرة الامضاء ، كقوله سبحانه : ( أَحلّ اللّه البيع ) تكون النتيجة هي الشمول ، إذ لا معنى لإمضاء بيع
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٩٥ ـ ٣٩٧.