لفظه : فإن مَن نفى شيئاً من الصفات لكون إثباتها تجسيماً وتشبيهاً يقول له المثبت : قولي فيما أثبته من الصفات والأسماء كقولك فيما أثبته من ذلك، فإن تنازعا في الصفات الخبرية أو العلوّ أو الرؤية أو نحو ذلك وقال له : هذا يستلزم التجسيم والتشبيه; لأنّه لا يعقل ما هو كذلك إلاّ الجسم، قال له المثبت : لا يعقل ما له حياة وعلم وقدرة وسمع وبصر وكلام وإرادة إلاّ ما هو جسم (١) . إلى آخره.
تصريحه بالجهة هو وإمامه أحمد :
وصرّح بالجهة، وأنّه تعالى على العرش باين عن السفل، وأنّه مع الخلق بعلمه لا بذاته، وأنّ هذا مذهب إمامه أحمد، قال في هامش صفحة ١٤١ من الجزء الأوّل : كالإمام أحمد في ردّه على الجهميّة، لما بين دلالة القرآن على علوّه واستوائه على عرشه، وأنّه مع ذلك عالم بكلّ شيء، كما دلّ على ذلك قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَـوَتِ وَالارْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الارْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (٢) فبيّن أنّ المراد بذكر المعيّة أنّه عالم بهم، كما افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم، وأنّه بيّن سبحانه أنّه مع علوّه على العرش، يعلم ما الخلق عاملون، كما في حديث عبّاس بن عبد المطلّب الذي رواه أبو داوُد وغيره عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال فيه : «والله فوق عرشه وهو يعلم ما أنتم عليه» (٣) فبيّن
____________________
(١) درء تعارض العقل والنقل ١ : ١٢٧ - ١٢٨.
(٢) سورة الحديد ٥٧ : ٤.
(٣) انظر درء التعارض ١ : ٢٣٧ الهامش رقم ٢، سنن أبي داوُد ٤ : ٢٣١ / ٤٧٢٣، ضعفاء