وتدارك على أئمّتهم ـسيما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة، وأتى من نحو هذه الخرافات بما تمجّه الأسماع وتنفر عنه الطباع، حتّى تجاوز إلى الجناب الأقدس المنزّه عن كلّ نقص، والمستحقّ لكلّ كمال أنفس، فنسب إليه العظائم والكبائر، وخرق سياج عظمته وكبرياء جلالته بما أظهر للعامّة على المنابر، من دعوى الجهة والتجسيم، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدّمين والمتأخرين، حتّى قام عليه علماء عصره، وألزموا السلطان بقتله أو حبسه وقهره، فحبسه إلى أن مات، وخمدت تلك البدع فزالت تلك الظلمات، ثمّ انتصر له أتباع لم يرفع الله لهم رأساً، ولم يظهر لهم جاهاً ولا بأساً، بل ضربت عليهم الذلّة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (١) . انتهى. وهو الكلام الفحل والقول الجزل.
شهادة ابن حجر في الفتاوى الحديثيّة :
هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة، بالتبديع، والضلال، والإضلال، والجهل، والغلو، وسوء العقيدة، حتّى في أكابر الصحابة، والتشنيع عليهم بالعظائم، ثمّ على من بعدهم من الأعاظم إلى عصره، وأنّه بدّع كثيراً منهم، وأنّه لذا (٢) تمالأ عليه أهل عصره ففسّقوه وبدّعوه، وكفّره كثير منهم، وأنّه خرق الإجماع في مسائل كثيرة في الاُصول والفروع...
فمن الأوّل : خلافه في مسألة الحسن والقبح والتزم بكلّ ما يرد عليها، وأنّ مخالف الإجماع لايفسّق ولا يكفّر، وأنّ الله تعالى محل
____________________
(١) الجوهر المنظم (الوهابية المتطرفة ١) : ٦٦ - ٦٧ .
(٢) كذا في النسختين والأنسب كما في بعض المصادر : حتّى تمالأ بدل : وأنّه لذا تمالأ.