ثمّ تأمّل هل هذا الذي اعتقده ابن تيميّة هو المأثور عن أئمّة الحديث والسنّة ؟ أم هو شيء لا يعرفه أحد منهم ولم يفه به إلاّ ابن تيميّة وأتباعه الحشويّة؟ فهو الكاذب على أئمّة الحديث والسنّة دائماً، وهذا الكذب لم يزل قائماً بذاته وليس أمراً منفصلا عنه يفعله شيئاً فشيئاً، غير أن أشخاصه ونوعه محدث بحدوث ذاته، عامله الله بعدله.
الفصل السادس : في عبارته الدالّة على ترجيحه أنّ الله تعالى بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر.
قال في صفحة ٢٦٠ عند قول المصنّف في الطعن على المشبّهة : إنّهم قالوا : إنّه تعالى يفضل عنه من العرش من كلّ جانب أربع أصابع (١) ما لفظه : فهذا لا أعرف له قائلا ولا ناقلا، ولكن روي في حديث عبد الله بن خليفة : أنّه ما يفضل من العرش أربع أصابع (٢) ، يروى بالنفي ويروى بالإثبات، والحديث قد طعن فيه غير واحد من المحدّثين كالإسماعيلي (٣)
____________________
(١) منهاج الكرامة : ٤٤، وانظر الكامل لابن الأثير ٨ : ٣٠٨، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ٣ : ٢٢٦، الملل والنحل الشهرستاني ١ : ١٥٣ - ١٥٤.
(٢) جامع البيان في تفسير القرآن ٣ : ٨، مجمع الزوائد ١٠ : ١٥٩.
(٣) الحافظ الرحالة محمد بن مهران النيسابوري، المعروف بالإسماعيلي الجرجاني كبير الشافعية بناحيته، سمع الحديث من إسحاق بن راهويه وجمع كثير، حدث عنه رفيقه إبراهيم بن أبي طالب وأبو العباس السرّاج وغيرهما. قال الحاكم : هو أحد أركان الحديث بنيسابور كثرة ورحلة واشتهاراً. توفي سنة ٢٩٥ هـ. الأنساب ١ : ١٥٨، سير أعلام النبلاء ١٤ : ١١٧ / ٦٠، لسان الميزان ٥ : ٨١ / ٢٦٨، شذرات الذهب ٢ : ٢٢١.