قبل أبي محمّد بن كلاّب صنفين : فأهـل السنّة والجماعة يثبتـون ما يقـوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها، والجهميّة من المعتزلة وغيرهم تنكر هذا وهذا. فأثبت ابن كلاّب قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلّق بمشيته وقدرته من الأفعال وغيرها، ووافقه على ذلك أبو العبّاس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري، وغيرهما.
إلى أن قال : وأئمّة السنّة والحديث على إثبات النوعين.
قال : بل صرّح هؤلاء بلفظ الحركة، وأنّ ذلك هو مذهب أئمّة السنّة والحديث من المتقدّمين والمتأخّرين (١) .
أقول : يعني المتقدّمين من الحشويّة (٢) والمتأخّرين منهم.
تصريحه بأنّ الربّ لا يخلو عن نوع الحوادث :
وقال المحروم في هامش الصفحة السادسة من الجزء الرابع من منهاج السنّة ما لفظه : وإذا عرضنا على العقل الصريح ذاتاً لا فعل لها ولا حركة ولا تقدر أن تصعد ولا تنزل ولا تأتي ولا تجيء ولا تقرب ولا تقبض ولا تطوي ولا تحدث شيئاً بفعل يقوم بها، وذاتاً تقدر على هذه الأفعال وتحدث الأشياء بفعل لها، كانت هذه الذات أكمل، فإنّ تلك كالجمادات أو الحي الزَمِن المجدّع، والحي أكمل من الجماد، والحي القادر على العمل
____________________
(١) دَرء تعارض العقل والنقل ٢ : ٦ - ٧.
(٢) سُمّيت حشويّة; لأنّهم يحشّون الأحاديث الّتي لا أصل لها في الأحاديث المرويّة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي يدخلونها فيها وليست منها، وجميع الحشويّة يقولون بالجبر والتشبيه، وقال قوم منهم : قد كان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كافراً قبل البعثة لقوله تعالى : ( وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى )، وأنّ الله تعالى موصوف عندهم بالنفس واليد والسمع والبصر، وأنّهم أجازوا على ربّهم الملامسة والمصافحة، وأنّ المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة... انظر إحقاق الحقّ ١ : ١٧٥، المقالات والفرق : ١٣٦.