فيهم، وهذا الباب ممّا هو معروف في كتب أهل العلم، ونسبوهم إلى البدعة، وبقايا بعض الاعتزال فيهم (١) .
وقال في آخر صفحة ٨٥ من الجزء الأوّل ما لفظه : وأنّ كلامه قديم، بمعنى أنّه قديم النوع لم يزل الله متكلّماً بمشيته، كما قاله السلف والأئمّة، والذين قالوا : إنّه قديم العين افترقوا على حزبين :
حزب قالوا : يمتنع أن يكون القديم هو الحرف والأصوات; لامتناع البقاء عليها، وكونها توجد شيئاً بعد شيء لأنّ المسبوق بغيره لا يكون قديماً، فالقديم هو المعني، ويمتنع وجود معان لا نهاية لها في آن واحد، والتخصيص بعدد دون عدد لا موجب له، فالقديم معنى واحد، هو الأمر بكلّ مأمور، والخبر عن كلّ مخبر، وهو معنى التوراة والإنجيل والقرآن، وهو آية الكرسي، وآية الدَّين، و( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )، وأنكروا أن يكون الكلام العربي كلام الله.
والحزب الثاني قالوا : بل الحروف والأصوات قديمة أزليّة الأعيان (٢) .
إلى أن قال : والمقصود أنّ هذه الطريق الكلاميّة التي ابتدعها الجهميّة والمعتزلة، وأنكرها سلف الاُمّة وأئمّتها، صارت عند كثير من النظار والمتأخّرين هي دين الإسلام، ويعتقدون أنّ من خالفها فقد خالف دين الإسلام. إلى آخره (٣) .
فابن تيميّة عند أهل السنّة مخالف لدين الإسلام باعترافه.
____________________
(١) دَرء تعارض العقل والنقل ٢ : ١٨.
(٢) انظر الملل والنحل ١ : ١٥٤، وشرح العقيدة الطحاوية : ١٧٣.
(٣) منهاج السنّة ١ : ٣١٥.