منفصلا فلا يسري إجماله (١) إلى العام ، لا حقيقة ولا حكما ، بل كان العام متبعا فيما لا يتبع فيه الخاص لوضوح (٢) أنّه حجة فيه بلا مزاحم أصلا ، ضرورة (٣) : أنّ الخاص إنما يزاحمه فيما هو حجة على خلافه تحكيما للنص ، أو الأظهر على الظاهر ؛ لا فيما لا يكون كذلك (٤) كما لا يخفى.
______________________________________________________
وأما الشبهة المصداقية فهي : ما كان الشك فيها في شمول العام للفرد أو الصنف ناشئا من الاشتباه في الأمور الخارجية ؛ كما إذا دل دليل على إكرام العلماء ، ودلّ دليل آخر على حرمة إكرام الفساق منهم ، وشككنا في أن زيدا العالم هل هو فاسق أم لا؟
(١) أي : فلا يسري إجمال الخاص إلى العام «لا حقيقة» بأن يرتفع ظهوره ، «ولا حكما» بأن ترتفع حجيّته فالعام باق على ظهوره ، وحجيته جميعا في القدر الزائد على الأقل ، فهو غير مجمل بالنسبة إليه لا حقيقة ولا حكما ، وهذا إشارة إلى الصورة الثالثة من صور الإجمال المفهومي ، فلا يصير العام ـ في هذه الصورة ـ مجملا بإجمال الخاص لا حقيقة ـ بمعنى : ارتفاع ظهوره ـ ولا حكما ـ بمعنى : ارتفاع حجية ظهوره ـ.
(٢) تعليل لبقاء العام على حجيته في الفرد المشكوك دخوله تحت الخاص.
وحاصل التعليل : أن العام قد انعقد له ظهور في العموم ؛ إذ المفروض : انفصال الخاص عنه الذي لا يمنع عن ظهور العام في العموم ؛ بل يزاحمه في الحجية فقط ، ومن المعلوم : أن الخاص حجة في خصوص الفرد المعلوم دخوله تحته كمرتكب الكبيرة في المثال المذكور في الجدول ، وليس حجة فيما يحتمل كونه فردا له ـ كمرتكب الكبيرة ـ للشك في فرديته للخاص ـ أعني : الفاسق ـ ومن المعلوم : صحة التمسك بدليل في مورد مع الشك في موضوعيته لذلك الدليل. ففي المقام لما كانت فردية مرتكب الصغيرة للخاص مشكوكة ، فلا يصح التمسك بدليل الخاص لإثبات حرمته ، فلا مزاحم حينئذ لحجية العام في هذا الفرد المحتمل دخوله تحت الخاص ، وعليه : فمزاحمة الخاص لحجية العام مختصة بما علم فرديته للخاص ـ كمرتكب الكبيرة ـ فيقدم الخاص عليه تقديما للنص أو الأظهر على الظاهر ، كما هو المتداول عند أبناء المحاورة. وأما الفرد المحتمل : فمزاحمة الخاص للعام فيه من مزاحمة اللاحجة بالحجة ، كما في «منتهى الدراية» ، ج ٣ ، ص ٤٩٨».
(٣) تعليل لحجية العام في الفرد المحتمل دخوله تحت الخاص. يعني : أن الخاص إنما يزاحم العام في الفرد المعلوم دخوله تحت الخاص ، فيكون حجة على خلاف العام ، ويقدّم عليه تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر.
(٤) أي : لا يزاحم الخاص العام فيما لا يكون حجة فيه من الفرد المحتمل دخوله تحته ، كما في المقام.