لما ذهب اليه أصحابنا المتقدمون وإن لم يكن ما استدلوا به تامّا من جهة السند أو الدلالة ، وعليه فيشكل الحكم بخلاف رأي المتقدمين في الصورة المذكورة بل لا يضرّ به مخالفة نادر في زمان القدماء مع الإجماع المذكور فإنّ ارجاع الناس نحو ما ذهب إليه الجلّ والاكتفاء بالنادر يعدّ تقريرا للخطإ كما لا يخفى.
وبالجملة لا اشكال فيه بحسب مقام الثبوت ، وإنّما الإشكال في كيفية إحراز ذلك ؛ إذ لا وسيلة لإحراز آراء الاصحاب إلّا بالحدس ، كما إذا رأينا القدماء أجمعوا على خلاف العامة فحصل الحدس حينئذ بتوافق آراء الأصحاب وعليه فيؤول هذا الوجه إلى الوجه الرابع في النهاية كما سيأتى إن شاء الله تعالى.
نعم الحدس هنا تعلق بإجماع الأصحاب ، بخلاف الوجه الرابع فإنّ الحدس هناك تعلق بالنص ، إلّا أن يكتفى بشهادة بعض القدماء على الإجماع المحصّل بينهم فتدبر جيدا.
الوجه الرابع :
هو الحدس كما ذهب إليه جماعة من المتأخرين ، وهو على أقسام : أحدها : أن يحصل لنا العلم برأي المعصوم بالحدس الضروري الحاصل من مبادئ محسوسة بحيث يكون الخطأ فيه من قبيل الخطأ في الحس ، والمراد من المبادئ المحسوسة هي رؤية الفتاوى أو استماع الأقوال.
وثانيها : أن يحصل لنا العلم المذكور بالحدس الاتفاقي من فتوى جماعة وإن لم تكن كذلك بحسب العادة ، كما حكي ذلك عن بعض الفحول بالنسبة إلى اتفاق الشيخين والفاضلين والمحققين في الفتاوى مع عدم استنادهم إلى دليل ، للعلم بعدم اجتماعهم على الخطأ.
وثالثها : أن يحصل لنا العلم المذكور بالحدس من مقدمات نظرية وعقلية ، كما إذا رأينا اتفاقهم في بعض المسائل الأصولية أو القواعد الفقهية وزعمنا أنّ مورد الكلام والبحث من موارد هذه المسائل والقواعد حصل لنا الحدس بأنّ رأي الآخرين في هذا المورد يكون كذا وكذا مع أنّا لم نر آراءهم ولم نسمع اقوالهم.