ورابعا : أنّ غاية ما يقتضيه الإجماع أنّ الفقهاء حيث لا يفتون بدون المستند علم أنّهم استندوا إلى الدّليل وأمّا أنّ هذا الدّليل تامّ سندا ودلالة فلا دليل له ويمكن أن يكون الدّليل المذكور غير تامّ عندنا سندا ودلالة.
واجيب عنه بأنّ اتفاق الأصحاب مع اختلاف مشاربهم يكفي في إحراز تماميّة الدّليل من جهة الدلالة والسّند اللهمّ إلّا أن يقال : حصول الاطمئنان بذلك مشكل بعد ما رأينا من وقوع الخلاف بين المتأخّرين والمتقدّمين في مسألة منزوحات البئر.
والحاصل أنّ الإجماع المحصّل المبتنى على مباد محسوسة يكشف عن وجود النّص عند تماميّة الخصوصيّات اللّازمة للكشف المذكور وهذه التماميّة غير محرزة عندنا.
فالأولى هو العدول عن هذا التقريب إلى التقريب السّابق من الإجماع المتصل بإجماع الأصحاب حيث إنّه كان في مرأى ومسمع الإمام المعصوم فإذا لم يردع عنه الإمام كشف عن تقريره إيّاه.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون لهم مستند أو لا يكون وبين أن يكون المستند تامّ أو غير تامّ وبين أن يكون المسألة موافقة للقاعدة أو لا تكون إذ الإجماع المحصّل المذكور في هذا التقريب يكشف على جمع التقادير عن تقرير الإمام المعصوم عليهالسلام نعم يلزم أن يكون من المسائل الأصلية لا الفرعية المستنبطة من الأصول المتلقاة من الأئمّة عليهمالسلام ويلحق بالإجماع فهم العلماء فإنّه إذا اتصل إلى فهم الأصحاب في المسائل المذكورة يكشف عن تقرير الإمام عليهالسلام.
الأمر الرّابع :
في الإجماع المنقول بحسب مقام الثّبوت.
واعلم أنّ الإجماع المنقول إمّا إخبار عن السّبب وهي الفتاوى فإن كان إخبار الناقل عن الحسّ كما إذا رأى أو سمع فتاويهم بواسطة المشايخ فلا إشكال في حجيّته لأنّه خبر واحد عن حسّ وهو حجّة ببناء العقلاء وإمضاء الشّارع وحينئذ إن كان المنقول كافيا عند المنقول إليه للكشف عن رأى المعصوم وتقريره فهو كالمحصّل حجّة على ما فصّل آنفا.