قوله عليهالسلام (ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذى حكما به المجمع عليه عند اصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذى ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه) في المقبولة هو خصوص الرواية المشهورة من الروايتين ، ولا يشمل الشهرة الفتوائية ، كما أفاده الشيخ الانصاري قدسسره حيث قال : إنّ المراد بالموصول في المرفوعة هو خصوص الرواية المشهورة من الروايتين دون مطلق الحكم المشهور ، ألا ترى أنّك لو سألت عن أنّ أي مسجد أحبّ إليك؟ قلت : ما كان الاجتماع فيه أكثر ، لم يحسن للمخاطب أن ينسب إليك محبوبية كل مكان يكون الاجتماع فيه أكثر بيتا كان أو خانا أو سوقا ... إلى أن قال : ومن هنا يعلم الجواب عن التمسك بالمقبولة.
هذا مضافا إلى أنّ الشهرة الفتوائيّة مما لا يقبل أن يكون في طرفي المسألة وعليه فقوله (يا سيدي إنّهما مشهوران مأثوران) أوضح شاهد على أنّ المراد من الشهرة في الرواية هي الشهرة الروائية الحاصلة مما اتفق الكل على روايته أو تدوينه ، لأنّ هذا مما يمكن اتصاف الروايتين المتعارضتين به لجواز صدورهما معا وإن لم يتم جهة الصدور إلّا في أحدهما على أنّ إطلاق الشهرة في مقابل الإجماع إطلاق حادث مختص بالاصوليين ، والمراد من المشهور في الرواية هو الإجماع الواضح المعروف ، ومنه شهر فلان سيفه وسيف شاهر ، فالمراد من الرواية حينئذ أنّه يؤخذ بالرواية التي يعرفها جميع أصحابك ولا ينكرها أحد منهم ، ويترك ما لا يعرفه إلّا الشاذ ولا يعرفها الباقي ، فالشاذ مشارك للمشهور في معرفة الرواية المشهورة ، والمشهور لا يشارك الشاذ في معرفة الرواية الشاذة ؛ ولهذا كانت الرواية المشهورة من قبيل بيّن الرشد والشاذ من قبيل المشكل الذي يرد علمه إلى أهله ، وإلّا فلا معنى للاستشهاد بحديث التثليث (١) وقال سيدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره في محكى كلامه إنّ الشهرة ربّما تكون من حيث الفتوى فقط وأخرى من حيث الرواية كذلك وثالثة تكون على العمل بالرواية والاولى خارجة عن مفاد الروايتين فإنّ ظهورهما بل كاد أن يكون صريحهما كون
__________________
(١) فرائد الاصول : ٦٦.