الكلام في جميع الأسئلة الواقعة فيها راجعة إلى تعارض الخبرين فالمراد بالموصول هو الخبر لا محالة وحينئذ كان الاشتهار راجعا إليه لكن الانصاف ان مجرد الاشتهار من حيث الرواية مع إعراض الأصحاب أو عدم إفتائهم بمضمونه أيضا خارج عن مفاد الخبرين ولا أقل من كون منصرفهما غيره فإنّ الظاهر أنّ المراد من قوله خذ بما اشتهر بين أصحابك أو الجمع عليه بين أصحابك هو شيوع العمل بمضمون الرواية واشتهاره لا مجرد الاشتهاد من حيث النقل والرواية ولعمرى أنّه واضح على من اعطى النظر حقه وعلى هذا كانت الروايتان ناظرتين إلى القسم الثالث من أقسام الشهرة فلا تدلان على حجيّة الشهرة الفتوائية وإنّما تدلان على وجوب ترجيح أحد الخبرين المتعارضين الموافق لفتوى المشهور المعمول به بين الأصحاب على الآخر الذى لم يعمل به وبالجملة غاية ما يمكن استفادته من المشهورة والمقبولة لزوم الأخذ بالخبر الذى اشتهر العمل به وجبر ضعف السند بذلك إن كان فيه ضعف وتقدمه على معارضه المتروك من حيث العمل. (١)
فتحصّل : أنّه لا دليل للشهرة الفتوائية ؛ بما هى تفيد الظن كالخبر لما عرفت من اختصاص المرفوعة والمقبولة بالشهرة الروائيّة ، هذا مضافا أنّ الشهرة تكون بمعنى الواضحة ، وهي أنّ الاشتهار بين الأصحاب في تلك الأزمنة بحيث يكون الطرف المقابل معرضا عنه بينهم ولا يكون مضرا بإجماعهم ، وهذا غير الشهرة الاصطلاحية الظنية ، فالرواية لا تدل على التعبد بحجيّة الشهرة الفتوائية المفيدة للظن وهى محل الكلام ومحتاجة إلى التعبد.
لا يقال : إنّ عموم التعليل وهو قوله عليهالسلام (فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه) يكفي لجواز التعدي عن المورد ، فاختصاص المورد بالشهرة الروائية لا يمنع عن الأخذ به في الشهرة الفتوائية.
لأنّا نقول :
أوّلا : إنّ عموم التعليل غير ثابت ؛ لأنّ المراد من المجمع عليه هو الخبر الذي أجمع على
__________________
(١) المحاضرات سيدنا الاستاذ المحقق الداماد ٢ / ١١٧ ـ ١١٨.