وإليه يؤول ما في الكفاية حيث قال : إنّ الظاهر عدم اختصاص حجيّة الظواهر بمن قصد إفهامها ، ولذا لا يسمع اعتذار من لا يقصد إفهامه إذا خالف ما تضمّنه ظاهر كلام المولى من تكليف يعمّه او يخصّه ، ويصح به الاحتجاج لدى المخاصمة واللجاج ، كما تشهد به صحة الشهادة بالإقرار من كل من سمعه ولو قصد عدم إفهامه فضلا عمّا (١) إذا لم يكن بصدد إفهامه.
وعليه فكما أنّ احتمال الغفلة مندفع بأصالة عدم الغفلة بين المتكلم والسامع ، فكذلك احتمال وجود قرائن منفصلة أو متصلة بعد الفحص عنها مندفع بأصالة عدمها لمن قصد إفهامه وغيره ؛ لما عرفت من أنّ العقلاء والعلماء يأخذون بالظهورات ولو كان السامع غير مقصود بالإفهام.
ودعوى : ان عادة الأئمة عليهمالسلام على الاتكال على القرائن المنفصلة.
مندفعة : بما أفاده السيد المحقق الخوئى قدسسره من أنّها وإن كانت صحيحة إلّا أنّه لا يقتضي اختصاص حجيّة الظهور بمن قصد إفهامه ، بل مقتضاه الفحص عن القرائن ، ومع عدم الظفر بها يؤخذ بالظهور.
وأمّا ما ذكره من أنّ التقطيع مانع عن انعقاد الظهور ففيه أنّ ذلك يتم فيما إذا كان المقطّع غير عارف بأسلوب الكلام العربي أو غير ورع في الدين ؛ إذ يحتمل حينئذ كون التقطيع موجبا لانفصال القرينة عن ذيها ، لعدم معرفة المقطّع أو لتسامحه في التقطيع ، وكلا هذين الأمرين منفيان في حق الكليني وأمثاله من اصحاب الجوامع ، فإذا نقلوا رواية بلا قرينة نطمئن بعدمها ، بل لا يبعد دعوى القطع به ؛ إذا التقطيع إنّما هو لإرجاع المسائل إلى أبوابها المناسبة لها مع عدم الارتباط بينها ، لأنّ الرواة ، عند تشرفهم بحضرة الإمام عليهالسلام كانوا يسألون عن عدّة مسائل لا ربط لأحدها بالأخرى كما هو المتعارف في زماننا هذا في الاستفتاءات وهذا النحو من التقطيع غير قادح في انعقاد الظهور. (٢)
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٥٩.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ١٢٠ ـ ١٢٢.