الظنّ لا يغني من الحق شيئا كقوله عزوجل : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) وكقوله عزوجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢) وكقوله تبارك وتعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً). (٣)
وجه الاستدلال أن التبعية عن الظنّ الخبري اتّباع عن غير العلم ، واسناد مفاده إلى الله تعالى قول بغير علم ، وبالأخرة هو ظنّ ، والظنّ لا يغني من الحق شيئا.
وفيه ما لا يخفى ؛ فإنّ أدلّة اعتبار الخبر الواحد قطعيّة ، وعليه فاتباع الخبر الواحد وإن كان الخبر مفيدا للظن اتّباع للعلم ، واسناد مفاده إلى الله تعالى إسناد قطعي الاعتبار إليه تعالى ، والأدلّة القطعيّة مما تغني وتفيد. وعليه فمع أدلّة الاعتبار لا يبقى مورد للآيات الناهية ؛ لورود أدلّة الاعتبار بالنسبة إليها ، كما لا يخفى.
قال في نهاية الاصول : إنّ متابعة الخبر والعمل به مع قيام الدليل القطعي على حجيته لا تكون عملا بغير العلم بل هو متابعة للعلم ، فيكون دليل الحجية واردا على الآيات الناهية. (٤)
وقال سيدنا الإمام المجاهد قدسسره : إنّ نفس الطريق وإن كان ظنيّا إلّا أن ما يدل على حجيّته أمر قطعي ؛ لأنّ ما يدلّ من ظواهر الآيات على حجيّة الخبر الواحد حجّة قطعيّة عند الخصم كسائر الظواهر ، فينسلك اتّباع الخبر الواحد في عداد اتّباع العلم ، فيتم ميزان الورود ، فتدبّر. (٥)
والأولى أن يقال : إنّ الآيات الناهية تدلّ على النهي عن أخذ ما لا يكون حجّة ، فمع أدلّة
__________________
(١) الاسراء / ٢٦.
(٢) الاعراف / ٣٣.
(٣) يونس / ٣٦.
(٤) نهاية الاصول : ٤٨٨.
(٥) تهذيب الاصول ٢ : ١٠٦.