الاعتبار والحجيّة للخبر الواحد لا مورد للآيات ؛ فإنّ المراد من العلم هو الحجّة ، قال في نهاية الاصول : والشاهد عليه قوله مخاطبا للكفار (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). (١) وقوله (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ)(٢) وغير ذلك من الآيات ؛ فإنّ المراد من العلم في الآيتين مدارك مأثورة واصلة إليهم من الأسلاف لا القطع ، فالمراد من العلم هو الحجّة العقلائية. (٣) ولقد أفاد وأجاد سيدنا الأستاذ المحقّق الداماد قدسسره في محكي كلامه حيث قال وعلى هذا يكون جميع ما ثبت جواز الركون إليه بهذه الأدلّة (اى أدلّة الاعتبار) واردا على مفاد (الآيات التى استدلّ بها المانعون)
لا حاكما ولا مخصّصا. (٤)
ومما ذكر يظهر ما في مصباح الاصول حيث ذهب إلى حكومة أدلّة حجيّة الخبر على الآيات المذكورة بدعوى أن مفادها جعل الخبر طريقا بتتميم الكشف ، فيكون خبر الثقة علما بالتعبّد الشرعي بناء على أن المجعول في باب الطرق والأمارات هي الطريقية كما هو الصحيح. (٥)
وذلك لما عرفت من أن مع أدلة الاعتبار يكون الخبر حجة ، فلا مورد لما يدل على النهي عن اتباع غير الحجة ؛ وإن أبيت عن الورود أو الحكومة ، فعليك بجواب شيخنا الأعظم قدسسره حيث قال : والجواب أمّا عن الآيات فبأنّها بعد تسليم دلالتها عمومات مخصّصة بما سيجيء من الأدلّة. (٦)
__________________
(١) الاحقاف / ٤.
(٢) الانعام / ١٤٨.
(٣) نهاية الاصول : ٤٨٨.
(٤) المحاضرات سيدنا الأستاذ المحقق الداماد ٢ / ١٢١
(٥) مصباح الاصول ٢ : ١٥٢.
(٦) فرائد الاصول : ٦٩.