حتى يرد عليه بان هذا المقدار الظاهر غير كاف للاستظهار ؛ لان الضمير يرجع الى المقصود من مرجعه أو المقيد لا مطلقه ، فلو قال اذا جاءك رجل فأكرمه لا يدل على كفاية اكرامه رجل ولو غير الجائي ، بل المستفاد منه لزوم اكرام الرجل الجائي الملحوظ في الشرط رغم عدم اضافة الرجل الى المجيء ، كذلك الحال في المقام ، فان المقصود التبين عن النبأ الذي جاء به الفاسق لا مطلق النبأ ، خصوصا وأن الضمير في وجوب التبين مقدر وليس ظاهرا. (١)
ثم لا يذهب عليك أن الشهيد الصدر قدسسره ذهب في النهاية الى عدم دلالة آية النبأ على المفهوم ، واستدل عليه بان الآية لم تفترض النبأ موضوعا في المرتبة السابقة على تحقق الشرطية والتعليق ، بل قد افترض مجموع مفاد الجملة الشرطية بافتراض واحد. ومن هنا لا يكون لها مفهوم.
نعم لو قال : النبأ اذا جاءكم فاسق به فتبيّنوا أو قال أن جاءكم فاسق بالنبإ فتبينوا كان النبأ الموضوع للحكم في الجزاء مفروضا بقطع النظر عن التعليق بافتراض مسبق اما لتقديمه كموضوع للحكم أو للتعريف المشعر بذلك والمستبطن للافتراض ، ونفس الشيء يقال في أن اعطاك زيد درهما فخذه وأن اعطاك زيد الدرهم فخذه ، حيث لا مفهوم للاولى بخلاف الثانية. ولعل هذا هو الوجه الفني لذهاب الشيخ الأعظم الى عدم المفهوم في الآية الكريمة. (٢)
وذلك لما عرفت من أن العرف بمناسبة الحكم والموضوع وكلية القضايا الشرعية وعدم اختصاصها بالموارد الخاصة يفهم أن الموضوع في الآية الكريمة مقدم رتبة على تحقق الشرط ، كما ذكرنا انهم يستفيدون من قولهم اذا جاءك المؤمن بسلام فأجبه أن الموضوع هو السلام ومقدم على الشرطية ، ولذا يفهمون منه المفهوم ، فكذلك في المقام.
لا يقال : أن اللازم في المفهوم هو حفظ الموضوع في المنطوق ، والمفهوم والموضوع في الآية
__________________
(١) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٥٣ ذيل الصفحة.
(٢) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٥٦.