اذ الشرط حصة خاصة من ايجاد ذلك الموضوع ، فلا يكون انتفاؤه مساوقا مع انتفاء الموضوع ليكون الانتفاء عقليا أو التقييد مستحيلا.
وهكذا يثبت أن الصحيح ثبوت المفهوم في القسم الثالث كالقسم الثاني ، واما تشخيص أن الآية من ايّ هذه الاقسام ، فاذا كان مفادها «نبأ الفاسق اذا جيء به أو جاءكم الفاسق به فتبيّنوا» كان من القسم الأول لا محالة ؛ لان انتفاء نبأ الفاسق بانتفاء مجيئه عقلي.
وإذا كان مفادها «النبأ اذا جاء به الفاسق فتبينوا» كان من القسم الثالث كما اشرنا.
واذا كان مفادها نبأ المخبر يجب التبين عنه اذا كان الجائي به فاسقا كان من القسم الثاني ؛ لان فسق المخبر بخبر حالة طارئة بلحاظ الموضوع.
ولا ينبغي الاستشكال في أن المستظهر من الآية المعنى الثاني الوسط ، فتكون الشرطية من القسم الثالث الذي فيها مفهوم بحسب طبعها. (١)
ثم أن وجه استظهار أن الموضوع لا ينحصر وجوده في وجود الشرط هو العرف ، فانه يستظهر من القضايا الشرعية أن الموضوع فيها كلي ، وليس الموضوع فيها كالموضوع في القضايا الخارجية ، وحمل القضايا الشرعية التي لا تختص بقوم دوم قوم ولا بزمان دون زمان على القضايا الخارجية يستبعده العرف ، وهو كاف في استظهار أن الموضوع كلي ولا ينحصر وجوده في وجود الشرط حتى يكون الشرط محققا للموضوع ، كما أن العرف يستظهر من قولهم اذا جاءك المؤمن بسلام فأجبه أن الموضوع هو طبيعة السلام ولا تنحصر وجودها في وجود الشرط.
وعليه فلا حاجة الى وجه آخر مثل ما حكي عن الشهيد الصدر قدسسره من أن وجه الاستظهار هو رجوع الضمير الواقع موضوعا لوجوب التبين الى النبأ ، وهو مطلق ليس مقيدا بالفاسق ؛ إذ لم يقل أن جاءكم نبأ الفاسق لكي يتحصص. (٢)
__________________
(١) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٥١ ـ ٣٥٣.
(٢) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٥٣ ذيل الصفحة.