يقال النبأ إن جاء الفاسق به يجب التبيّن فإنّه لا فرق بين العبارتين أصلا ولا مجال للإشكال والشك والارتياب فى أن الموضوع فى العبارة الثانية التى في قوة الأولى هو النبأ. (١)
فتحصل مما تقدم انه بناء على ثبوت المفهوم للقضايا الشرطية وحجيته لا اشكال في الآية من جهة كونها صغرى لتلك الكبرى ؛ لما عرفت من أن الموضوع فيها هو النبأ اذا جاء به الفاسق فتبيّنوا ، فالموضوع في القضية لا يساوي مع موضوع الحكم المشروط وهو وجوب التبين بشرط مجيء الفاسق ؛ لان الشرط حصة خاصة من ايجاد الموضوع لا تمامه ، وعليه يمكن أن يوجد النبأ بنحو آخر ، وهو مجيء العادل وعليه فحصر التبين في نبأ الفاسق يدل على حجية نبأ العادل.
قال الشهيد الصدر قدسسره : وليعلم أن الشرط يمكن أن يصنّف الى ثلاثة انحاء :
الأول أن يكون الشرط عبارة عن سنخ تحقق الموضوع ونحو وجوده بحيث لا يتصور للموضوع وجود إلّا بالشرط كقولك اذا رزقت ولدا فاختنه ، فان الفرق بين الشرط أو الموضوع للحكم في المثال كالفرق بين الايجاد والوجود.
الثاني : أن يكون الشرط اجنبيا عن وجود الموضوع ، وانما هو امر طارئ كقولك أن جاءك زيد فأكرمه.
الثالث : أن يكون الشرط نحوا من وجود الموضوع ولكنه غير منحصر به بل يمكن أن يوجد الموضوع بنحو آخر ، كما هو في الآية الكريمة لو جاءت بعنوان النبأ اذا جاءكم به الفاسق فتبينوا فان مجيء الفاسق يراد به انباؤه وايجاد النبأ ، إلّا أنه لا ينحصر وجوده به ؛ إذ يعقل وجوده بإنباء العادل أيضا ، فالشرط في هذا القسم حصة من الايجاد ، فكانه قال النبأ اذا أوجده الفاسق فتبينوا.
ولا اشكال في عدم المفهوم على النحو الاول ، كما لا اشكال في ثبوته في النحو الثاني ... الى أن قال (في ثبوت المفهوم في النحو الثالث) : أن الموضوع ذاتا محفوظ حتى مع انتفاء الشرط ؛
__________________
(١) المحاضرات سيدنا الاستاذ ٢ : ١٢٦.