فاسق دل على أن مجيء الفاسق علة تامة منحصرة لترتب سنخ الجزاء وهو وجوب التبين. وعليه فتأثير غير الشرط المذكور في الجزاء المذكور ينافي تأثير الشرط بنحو العلة التامة المنحصرة المدلول عليها بالاطلاق في الشرط.
نعم لو لم يدل اطلاق الشرط إلّا على مجرد علية الشرط لحصة من الجزاء تمّ ما ذكر ؛ لعدم منافاة تأثير شيء آخر في حصة اخرى من الجزاء ، ولكنه خلاف المفروض كما لا يخفى ، فاذا دلت القضية على العلية المنحصرة لعدم الحجية في حصص من النبأ كنبإ الفاسق ينافيها اثبات عدم الحجية في غير تلك الحصص ، كما لا يخفى.
إن قلت : امكان رجوع الآية الى أن النبأ المجاء به إن كان الجائي به العادل فلا تبيّنوه ، فيكون النبأ موجودا وموضوعا ومجاء به عندنا ، فتخرج القضية عن الانتفاء بانتفاء الموضوع ، غير سديد ؛ لان ذلك البيان يجري في مثل إن رزقت ولدا لا مكان أن يكون المعنى الولد المرزوق إن كنت رزقت به فاختنه ، والمفهوم حينئذ ليس من السلب بانتفاء الموضوع ، مع أن العرف لا يساعد ذلك ، فكما أن العرف لا يساعد هناك فكذلك لا يساعد ذلك في المقام. (١)
قلت : إنّ المناط كما اعترفت هو العرف ، ففي مثل أن رزقت ولدا لا داعي الى ارجاع القضية الى الموضوع الكلي ؛ لانه قضية شخصية ناظرة الى الولد المرزوق للمخاطب ، هذا بخلاف القضايا الشرعية الكلية ؛ فان المقصود منها ليس قضية شخصية ، بل المراد منها هو بيان الأحكام الكلية لموضوعها الكلي. وهذا وجه الفرق بين تلك القضايا والقضايا الشخصية ، وحيث أن الآية الكريمة ليس المقصود منها هو بيان حكم مورد وشخص خاص ، فيحمل الموضوع فيها على الموضوع الكلي بالمناسبات المذكورة ، فلا تغفل.
ولقد أفاد وأجاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره حيث قال الظاهر من الآية كون الموضوع هو النبأ لا نبأ الفاسق حيث إنّ قوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبإ فتبيّنوا في قوة ان
__________________
(١) راجع ، تحريرات في الاصول : ج ٦ ص ٤٧٥.