المنذرين ، فالغاية قهرا تلازم العلم بما انذروا به.
مندفعة : بأن ظاهر الآية أن الغاية المترتبة على الانذار والفائدة المترقبة منه هي التحذر ، لا افشاء الحق وظهوره.
فالمراد والله العالم لعلهم يحذرون بالانذار لا بافشاء الحق بالانذار ، كما أن ظاهرها التحذر بما انذروا لا بالعلم بما انذروا به ، بل نقول : أن نفس وجوب الانذار كاشف عن أن الاخبار بالعقاب المجعول انذار ، ولا يكون ذلك إلّا اذا كان حجة ، وإلّا فالاخبار المحض لا يحدث الخوف ولو اقتضاء حتى يكون مصداقا للانذار حتى يجب شرعا. (١)
لا يقال : احتمال وجود المانع في ايجاب الغاية على الغير يمنع عن الجزم بوجوب الغاية وهي التحذر. (٢)
لانا نقول : هذا الاحتمال غير سديد لوهنه بعد كون التحذر مقصدا لوجوب ذي الغاية ، وعدم وجود مانع معقول فيه.
ثم اذا كانت الملازمة العرفية بين وجوب شيء ووجوب غايته كما اذا قيل لا تشرب الخمر لإسكارها أو قيل اذهب الى المسجد لكي تصلي فلا فرق فيه بين ما اذا كان الخطاب موجها الى مكلف واحد أو أكثر كما في المقام ، فان الانذار فعل المنذر والتحذر فعل المنذر ؛ وذلك لان الامر بالانذار وسيلة لامر المنذرين ، بالتحذر.
لا يقال : أن التحذر ليس فعل المنذرين ، بل هو فعل المنذرين ، وفعل الغير ليس مقدورا للمنذرين ، فلا يكون الامر بالانذار ظاهرا في كونه طريقيا الى أمرهم بالتحذر. (٣)
لانا نقول : أن المقدور بالواسطة مقدور ، وعليه فلا مانع من ملازمة وجوب ذي الغاية لوجوب الغاية ولو كانت الغاية فعل مكلف آخر ، ألا ترى أنه يقال يجب عليك تعليم القوم لان يكونوا عالمين ، بل الخطابات الاجتماعية غالبا طرق الى امر غيرهم ببعض الامور ، فلا تغفل.
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ٨٦ ـ ٨٧.
(٢) تسديد الاصول : ج ٢ ص ٩٠.
(٣) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٧٨.