أورد عليه الشيخ قدسسره أيضا بانه لا يستفاد من الكلام إلّا مطلوبية الحذر عقيب الانذار بما يتفقهون في الجملة لكن ليس فيها اطلاق وجوب الحذر ، بل يمكن أن يتوقف وجوبه على حصول العلم ، فالمعنى : لعله يحصل لهم العلم فيحذروا ، فالآية مسوقة لبيان مطلوبية الانذار بما يتفقهون ومطلوبية العمل من المنذرين بما انذروا ، وهذا لا ينافي اعتبار العلم في العمل ، ولهذا صح ذلك فيما يطلب فيه العلم ، فليس في هذه الآية تخصيص للادلة الناهية عن العمل بما لم يعلم ، ولذا استشهد الامام عليهالسلام فيما سمعت من الاخبار المتقدمة على وجوب النفر في معرفة الامام وانذار النافرين للمتخلفين مع أن الامامة لا تثبت إلّا بالعلم. (١)
ويمكن الجواب عنه كما في مصباح الاصول :
أوّلا : بان الاصل في كل كلام أن يكون في مقام البيان ؛ لاستقرار بناء العقلاء على ذلك ما لم تظهر قرينة على خلافه.
وثانيا : بأن ظاهر الآية المباركة كونها واردة لبيان وظيفة جميع المسلمين المكلفين وانه يجب على طائفة منهم التفقه والانذار وعلى غيرهم الحذر والقبول ، فكما أن اطلاقها يقتضي وجوب الانذار ولو مع عدم حصول العلم للمنذر بمطابقة كلام المنذر للواقع ، فكذلك يقتضي وجوب الحذر ايضا في هذا الفرض.
وثالثا : بأن ظاهر الآية ترتب وجوب الحذر على الانذار ، وتخصيص وجوب الحذر بما اذا حصل العلم بالواقع موجب لالغاء عنوان الانذار ؛ اذ العمل حينئذ انما هو بالعلم من دون دخل للانذار فيه غاية الامر كون الانذار من جملة المقدمات التكوينية لحصول العلم لا موضوعا لوجوب الحذر ، فاعتبار حصول العلم في وجوب الحذر يوجب الغاء عنوان الانذار لا تقييده بصورة حصول العلم ، مع أن ظاهر الآية كون وجوب الحذر مترتبا على الانذار ترتب الحكم على موضوعه.
ورابعا : انه على تقدير تسليم أن اعتبار العلم في وجوب الحذر يوجب التقييد لا الغاء
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٨٠.