ومن المعلوم أن السؤال حينئذ طريق لحصول العلم. ويؤيده أن الآية واردة في اصول الدين وعلامات النبي صلىاللهعليهوآله التي لا يؤخذ فيها بالتعبد اجماعا. (١)
ويمكن الجواب عنه بما في نهاية الدراية بان الظاهر هو السؤال لكي يعلموا بالجواب لا بامر زائد على الجواب ، فيكشف عن حجية الجواب ؛ فانه على فرض الحجية يكون حجة قاطعة للعذر مصححة لاطلاق العلم عليه ، وإلّا فلا.
نعم بين هذه الآية والآيتين المتقدمتين فرق حيث انه لا امر بالجواب هنا حتى يتمسك باطلاقه لصورة عدم افادة العلم كما في ايجاب الانذار وحرمة الكتمان ، فيمكن ايجاب السؤال الى أن يحصل العلم بالجواب ولو بجواب جماعة. (٢)
والانصاف هو عدم اطلاق الآية بعد عدم وجوب أمر بالجواب وامكان ارادة ايجاب السؤال ولو بالتكرار حتى يحصل العلم بسبب الاجوبة المتعددة ، ولا دلالة للآية على حصول العلم بالجواب الاول حتى يكون ذلك تعبدا. ولذلك قال في الكفاية أن الظاهر من الآية ايجاب السؤال لتحصيل العلم ، لا للتعبد. (٣)
واما الايراد على الاستدلال بالآية الكريمة بعد تسليم دلالتها على لزوم التعبد بالجواب بانه لا دلالة لها على التعبد بما يروي الرواة ؛ بما هم رواة ؛ لعدم اطلاق اهل الذكر والعلم عليهم ، مع أن لصدق هذا العنوان مدخلية في الحكم ، وعليه فتختصّ دلالة الآية بحجية فتوى اهل الفتوى.
ففيه أن عنوان اهل الذكر والاطلاع من العناوين المشككة ، ويصدق على الرواة ايضا ؛ لصدق الذكر والعلم على معرفة الحلال والحرام من دون اعمال نظر ورأي ، وحيث لم يقيد عنوان اهل الذكر بمرتبة خاصة يعم تلك المعرفة ايضا ، ولذلك يصدق عنوان اهل العلم والذكر على العالمين بالفتاوى والمسائل من دون أن يكونوا مجتهدين ، والرواة كالعالمين بالمسائل الذين لا يكونون مجتهدين في زماننا هذا.
__________________
(١) راجع فرائد الاصول : ص ٨٢ وكفاية الاصول : ج ٢ ص ٩٥.
(٢) نهاية الدراية : ج ٢ ص ٩٠.
(٣) الكفاية : ص ٩٥.