واحد منهما للذي اختاره الخصمان ، فقال : ينظر الى اعدلهما وافقههما في دين الله فيمضي حكمه. (١)
ولا يذهب عليك ان مع التصريح بعدم العلم والوثوق بالحق قال بحجية كل واحد من باب التخيير ، وليس ذلك إلّا حجية تعبدية.
اورد عليه بانه لا اطلاق لهذه الطائفة من الأخبار ؛ لان السؤال عن الخبرين المتعارضين اللذين فرض السائل كل واحد منهما حجة يتعين العمل به لو لا التعارض ، ولا نظر للسائل بالنسبة الى اعتبار خبر كل عدل ، بل نظره الى حجية الخبر في حال التعارض.
يمكن أن يقال ـ كما افاد في نهاية الأفكار ـ أن هذه الأخبار ظاهرة الدلالة بالملازمة على حجية خبر الواحد في نفسه عند عدم ابتلائه بالمعارض. (٢)
والاولى أن يقال أن : هذه الطائفة من الاخبار تدل على مفروغية حجية الاخبار في نفسها ، وإلّا لما سألوا عن صورة تعارضها ، كما لا يخفى. قال في مصباح الاصول : الاخبار العلاجية تدل على أن حجية الاخبار في نفسها كانت مفروغا عنها عند الائمة عليهمالسلام واصحابهم ، وانما توقفوا عن العمل من جهة المعارضة فسألوا عن حكمها. ومن الواضح انه ليس مورد الأخبار العلاجية الخبرين المقطوع صدورهما ، لان المرجحات المذكورة فيها لا تناسب العلم بصدورهما ، وأن الظاهر من مثل قوله (يأتي عنكم خبران متعارضان) كون السؤال عن مشكوكي الصدور ، مضافا الى وقوع المعارضة بين مقطوعي الصدور بعيد في نفسه. (٣)
وتعتضد تلك المفروغية المذكورة بما صرح به الشيخ في عدة الاصول من قوله : اني وجدت الفرقة المحقة مجمعة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ودوّنوها في اصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ، حتى أن واحدا منهم اذا افتى بشيء لا يعرفونه
__________________
(١) الوسائل : الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٤٥.
(٢) نهاية الأفكار : ج ٣ ص ١٣٢.
(٣) مصباح الاصول : ج ٢ ص ١٩١ ـ ٢٩٢.