سألوه من اين قلت هذا ، فاذا احالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلموا الامر في ذلك وقبلوا قوله ، وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الأئمة عليهمالسلام ومن زمن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام الذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته ، فلو لا أن العمل بهذه الاخبار كان جائزا لما اجمعوا على ذلك ولا نكروه ؛ لان اجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو. (١)
ومما ذكرناه يظهر ما في نهاية الاصول من أن التعارض كما يوجد في الخبرين غير المقطوعين كذلك ربما يوجد في المتواترين أو المحفوفين بما يوجب القطع بصدورهما ، فصرف بيان العلاج للتعارض لا يدل على حجية الخبر الذي لم يقطع بصدوره. (٢)
وذلك لان حمل هذه الروايات على الصورة المذكورة بعيد جدا ، فاذا عرفت أن المراد منها هو تعارض غير مقطوعى الصدور تكشف تلك الاخبار عن كون حجية غير المقطوع عند عدم المعارضة مفروغا عنها.
وينقدح أيضا مما ذكرناه ما في مباحث الحجج حيث قال : يمكن ارادة الحجية القطعية كما اذا كان الخبر قطعي السند ، وليست هذه الطائفة من أخبار الترجيح والعلاج في مقام البيان من ناحية حجية اصل الخبر ليتمسك باطلاقها. (٣)
وذلك لما عرفت من أن فرض المعارضة ليس بين المقطوعين لبعد ذلك وندرته ، بل فرض المعارضة بين غير المقطوعين ، وعليه تكشف الاخبار العلاجية عن كون حجية الاخبار غير المقطوعة مع قطع النظر عن المعارضة مفروغا عنها عند الأئمة عليهمالسلام واصحابهم.
نعم يشكل التمسك بهذه الاخبار لاثبات أن الحجة المفروغ عنها هو خبر الثقة بعد ما عرفت من اعتبار الاعدلية.
يمكن الجواب عنه بان مقتضى امعان النظر فيها أن الملاك هو كون الراوى ثقة ، ولا ينافيه
__________________
(١) عدة الاصول : ص ٣٣٧.
(٢) نهاية الاصول : ص ٥٠٩.
(٣) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٨٩.