بدعوى أن بناء المسلمين لو كان على الاقتصار على المتواترات لم يكثر القالة والكذابة اذ الاحتفاف بالقرينة القطعية في غاية القلة.
قال الشيخ : يستفاد من مجموع هذه الأخبار رضا الأئمة عليهمالسلام بالعمل بالخبر وأن لم يفد القطع ، وادّعى في الوسائل تواتر الأخبار بالعمل بخبر الثقة إلّا أن القدر المتيقن منها هو خبر الثقة الذي يضعف فيه احتمال الكذب على وجه لا يعتني به العقلاء ويقبحون التوقف فيه لاجل ذلك الاحتمال ، كما دل عليه الفاظ الثقة والمأمون والصادق وغيرها الواردة في الأخبار المتقدمة ، وهي أيضا منصرف اطلاق غيرها بل ولو لم يكن الاخبار متواترة بالاصطلاح كفى كونها مفيدة للاطمئنان بحجية خبر الثقة ولو لم يكن عادلا.
وأما العدالة فاكثر الأخبار المتقدمة خالية عن اعتبارها ، بل وفي كثير منها التصريح بخلافه مثل رواية كتاب العدّة الآمرة بالاخذ بما روته الثقات عن علي عليهالسلام وما ورد في كتب بني فضال ومرفوعة الكناسي.
نعم في غير واحد منها حصر المعتمد في أخذ معالم الدين في الشيعة ، لكنه محمول على غير الثقة (أي الحصر محمول على غير الثقة من العامة ، فلا ينافي الاعتماد على ثقاتهم ، فالحصر اضافي بالنسبة الى غير ثقاتهم) أو الحصر محمول على أخذ الفتوى جمعا بينها وبين ما هو أكثر منها.
وفي رواية بني فضال شهادة على هذا الجمع مع أن التعليل للنهي في ذيل الرواية بانهم ممن خانوا الله ورسوله يدل على انتفاء النهي عند انتفاء الخيانة المكشوف عنه بالوثاقة ، فان غير الامامي الثقة مثل ابن فضال وابن بكير ليسوا خائنين في نقل الرواية. (١)
ولا يخفى عليك أن دعوى التواتر بالنسبة الى خبر الثقة المذكورة مع أن جملة منها تدل على اعتبار العدالة أو يحتمل اعتبارها من جهة العدالة. كما ترى.
نعم يمكن تأييد ما ذهب اليه الشيخ قدسسره من دعوى التواتر بأن بناء العامة على العمل بخبر
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٨٨.