وهي من حيث السند صحيحة ومن حيث الدلالة فالاستدلال بها لمكان قوله : (فما يمنعك) المشعر بالمفروغية عن كبرى مركوزة ، وليست هي إلّا حجية خبر الثقة. وهذه الاحالة ليست من الارجاع الى التقليد ، لوضوح أن ابن أبي يعفور كان من أجلة الاصحاب ، فليس الارجاع إلّا بملاك الإرجاع الى الأحاديث ، كما أن المراد من التعليل بالوجاهة يراد به الوجاهة الدينية المساوقة مع الوثاقة في النقل.
وذكر أيضا صحيحة يونس بن يعقوب قال : كنا عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال : أما لكم من مفزع؟! أما لكم من مستراح تستريحون إليه؟! ما يمنعكم من الحرث بن المغيرة.
وذكر أيضا أن هناك روايات اخرى لا بأس بدلالتها أيضا على الحجية من قبيل رواية محمّد بن عيسى عن الرضا عليهالسلام قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : جعلت فداك اني لا أكاد أصل اليك أسألك عن كل ما احتاج اليه من معالم ديني ، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة أخذ عنه ما أحتاج اليه من معالم ديني؟! قال : نعم.
فانّ ظاهرها أن السائل يشير فيها الى الكبرى المركوزة ويطبقها على يونس بن عبد الرحمن والامام يمضي ذلك ويأمره باتباعه وقبول قوله ، إلّا أنّ هذه الرواية وغيرها مما يمكن أن يستدل بها على الحجية غير صحيحة السند ، فتصلح لان تكون مؤيدة مكملة للرواية التي جعلناها محور كلامنا. (١)
وفيه مواقع للنظر :
أحدها : أنّ حصر طوائف الأخبار في المذكورات مع وجود أخبار أخرى ليس بصحيح ، منها مثل ما ورد عن ابن أبي الجهم عن الرضا عليهالسلام قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيهما الحق؟ قال : فاذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت. (٢) ولا يخفى أنّ هذا ظاهر الدلالة على حجية خبر الثقة في نفسه عند عدم ابتلائه بالمعارض وأن حجيته
__________________
(١) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٨٤ ـ ٣٩٥.
(٢) الوسائل : الباب ٩ من أبواب صفات القاضي : ح ٤٠.