وعليه فالنبأ الموجود وهو موضوع الحكم وهو لا يخلو للحال فيه إمّا أن يكون نبأ فاسق أو نبأ عادل ولا يقبل الانقسام إلى كلتا الحالتين.
ولا يمكن استفادة المفهوم منه لعدم قابليّته النبأ الموجود للانقسام إلى كلتا الحالتين واللازم من ذلك هو استعمال الأداة الدّاخلة على مجيء الفاسق في معنى الفرض والتقدير ينظر ما لو رأى المولى شبحا فقال لعبده إن كان زيدا فأكرمه فإنّ الشبح لا يقبل عروض الزيدية عليه تارة والعمروية أخرى بل هو إمّا زيد أو عمرو فالأداة تستعمل في معنى الفرض والتقدير لا في معنى الشّرطية إذ ليس هناك جامع بين الحالتين يتوارد عليه النفي والإثبات كي يعلّق الإثبات على شيء بل الشبح يدور بين المتباينين وما نحن فيه من هذا القبيل ولا يمكن استفادة المفهوم منه لعدم قابليّة النبأ الموجود للانقسام إلى كلتا الحالتين.
لأنّا نقول أوّلا : إنّ ذلك منقوض بمثل العالم إن كان فقيها يجب تقليده فإنّ الموضوع فيه مفروض الوجود ومع ذلك يدلّ على المفهوم وثانيا : أنّ ما ذكر من المناقشة مبني على كون القضيّة خارجيّة واشتباه الموضوع الخارجي والمفروض خلافه لأنّ القضيّة حقيقيّة والموضوع هو طبيعيّ النبأ ولا اشتباه في الخارج فإذا خصّص بعض الحصص الموجودة من الطبيعي بحكمه عند شرط كذا يدلّ بمفهومه على انتفاء هذا الحكم عن غير هذه الحصص من سائر حصص الطبيعة الموجودة ولا ريب في أنّ هذا مفهوم مستفاد من تعليق الحكم على حصّة من الطبيعة عند شرط كذا.
فتحصّل ممّا تقدّم أنّ الموضوع هو النبأ لا نبأ الفاسق لأنّ قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) في قوة أن يقال إنّ النبأ إن جاء الفاسق به يجب التبيّن فيه فإنّه لا فرق بين العبارتين أصلا ولا إشكال في المفهوم بناء على ثبوت المفهوم للقضايا الشّرطية وحجّيّته.
ودعوى عدم دلالة الآية على المفهوم من جهة أنّ النبأ لم يفرض في الآية موضوعا في المرتبة السابقة على تحقّق الشرطية والتعليق بل قد افترض مجموع مفاد الجملة الشرطية بافتراض واحد ومن هنا لا يكون لها مفهوم.