نص في غير مورد بأنّه عربي مبين وآيات بيّنات ، ودعا الناس إلى التأمل والتدبّر فيه. وهذا يقضي بوجود الظهورات فيه وحجيتها.
بل دعوى الإبهام المطلق في القرآن مما لا يساعدها الروايات أيضا :
أحدها : ما عن الهجري عن أبي جعفر عليهالسلام : أنّ رجلا قال له : أنت الذي تقول ليس شيء من كتاب الله إلّا معروف؟! قال : ليس هكذا قلت ، إنّما قلت : ليس شيء من كتاب الله ، إلّا عليه دليل ناطق عن الله في كتابه مما لا يعلمه الناس .. إلى أن قال : إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا ومعاينا وناسخا ومنسوخا ومحكما ومتشابها وسننا وامثالا وفصلا ووصلا واحرفا وتصريفا ، فمن زعم أنّ الكتاب مبهم فقد هلك وأهلك. (١)
وحمله على أنّ المراد أنّه ليس بمبهم على كل أحد بل يعلمه الإمام ومن علّمه إيّاه وإلّا لناقض آخره أوّله ، كما ترى ؛ إذ الرواية تدلّ في الذيل على عدم الإبهام ، وهو يساعد صدره الدال على وجود الظاهر فيه مع كونه واجدا للامور المذكورة.
وثانيها : ما عن مولانا امير المؤمنين عليهالسلام في ضمن احتجاجه على زنديق : ثم إنّ الله قسّم كلامه ثلاثة أقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعلمه إلّا الله وملائكته والراسخون في العلم. (٢)
وثالثها : ما روي من أنّ الله لا يخاطب الخلق بما لا يعلمون. (٣)
بدعوى أنّ جعل المراد من المخاطب بالقرآن خصوص أهل العصمة عليهمالسلام وهم يعلمون القرآن أو جميع المكلفين بدعوى كفاية تعليم بعضهم ؛ لا يخلو عن تكلف ، بل المراد أنّ القرآن عربي مبين يفهمه الخلق ، ولا ينافي ذلك كون معناه ذا مراتب ودرجات يختص علمها بنحو كامل بأهل البيت عليهمالسلام.
__________________
(١) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٣٩.
(٢) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٤٤.
(٣) الوسائل الباب ١٣ من ابواب صفات القاضى ، ح ٨١.