هذا مضافا الى أن وجود البناء على الاحتياط فيما اذا شك فى اصل التكليف وفي وجود المانع عقليا او عاديا في الابلاغ والاعلام او فيما اذا شك في التكليف وعلم أن التكليف له لو كان ثابتا في الواقع لما امكن ابلاغ المولى اياه لمانع عقلى او عادى غير محرز.
كما انه لا بناء على الاحتياط فيما اذا شك في التكليف وعلم انه لو كان ثابتا في الواقع ليس للمولى مانع عن اعلامه مطلقا وسيأتى أن شاء الله تعالى بقية الكلام في الموضعين من البراءة فانتظر
هذا تمام الكلام فيما اذا كان المراد من الضرر المظنون هو العقوبة فقد عرفت أن الصغرى ممنوعة ، فيختل بذلك القياس المذكور لحجية الظن المطلق.
وأما اذا كان المراد من الضرر المظنون هو الظن بالالقاء في المفسدة أو الظن بتفويت المصلحة ففيه أيضا منع الصغرى كما في فرائد الاصول حيث قال : أن الضرر بهذا المعنى وإن كان مظنونا إلّا أن حكم الشارع قطعا أو ظنا بالرجوع في مورد الظن الى البراءة والاستصحاب وترخيصه لترك مراعاة الظن أوجب القطع أو الظن بتدارك ذلك الضرر المظنون ، وإلّا كان ترخيص العمل على الأصل المخالف للظن القاء في المفسدة أو تفويت المصلحة.
ولذا وقع الاجماع على عدم وجوب مراعاة الظن بالوجوب أو الحرمة اذا حصل الظن من القياس وعلى جواز مخالفة الظن في الشبهات الموضوعية حتى يستبين التحريم أو تقوم به البيّنة. (١)
لا يقال : أن تدارك الضرر ممنوع ؛ لامكان أن يكون ملاك جعل الحجية مصلحة عامة أو دفع مفسدة عامة راجعة الى أصل الشريعة لا الى اشخاص المكلفين ، فهنا أيضا ربما كان مصلحة رفع التكليف الغير المعلوم في مثل البراءة الشرعية والاستصحاب هي أن لا تكون الشريعة صعبة مضيقة حرجية لكي لا ينزجر ابناء النوع الانساني عنها ويدخلوا فيها
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ١٠٩ ـ ١١٠.