أفواجا ، وهي مصلحة رفيعة لازمة الرعاية ، ورعايتها لا تنافي وقوع المكلف في الضرر الدنيوي الذي هو من قبيل الملاكات.
لانا نقول : مع الغمض عن كون المفاسد والمصالح المظنونة أيضا من المصالح والمفاسد العامة إن تدارك الضرر أو المفسدة أو تفويت المصلحة كما يحصل بالمصلحة العائدة الى الشخص لأهمية المصلحة أيضا ، فكذلك يحصل بالمصالح العامة الاجتماعية ؛ لأنّ الشخص من جملة المجتمع وينتفع بتلك المصالح ايضا ، ولذا لا تأبى النفوس عن جعل الجهاد أو الخمس والزكاة ، مع أن هذه الأحكام لا تخلو عن الضرر النفسي أو المالي الشخصي ، ولكن هذه الأضرار متداركة بالمصالح العامة العائدة الى المجتمع الذي يكون الشخص فردا منه ، وهو كاف في خروج الموضوع الضرري عن موضوع الحكم العقلي بوجوب دفعه ، كما لا يخفى.
هذا كله مضافا الى ما في الكفاية من قوله : وأمّا المفسدة فلانها وإن كان الظنّ بالتكليف يوجب الظن بالوقوع فيها لو خالفه ، إلّا أنّها ليست بضرر على كل حال ؛ ضرورة إن كل ما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم أن يكون من الضرر على فاعله ، بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في الفعل بحيث يذمّه عليه فاعله بلا ضرر عليه أصلا. وأمّا تفويت المصلحة فلا شبهة في أنه ليس فيه مضرة ، بل ربما يكون في استيفائها المضرّة كما في الاحسان بالمال. (١)
فمع التدارك أو عدم ملازمة الظن بالتكليف للظن بالضرر فلا مجال لقاعدة دفع الضرر المظنون هاهنا اصلا ؛ لعدم احراز موضوعها كما لا يخفى.
هذا كله مع الغمض عما يرد على الكبرى في هذا المقام فقد ذهب المحقق العراقي في نهاية الأفكار الى أنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر الدنيوي ليس إلّا من باب الارشاد. (٢) ومن المعلوم أنّ معنى كونه ارشادا أنه لا يستتبع حكما شرعيا بحيث يترتب على مخالفته عقوبة
__________________
(١) الكفاية : ج ٢ ص ١١١.
(٢) نهاية الافكار : ج ٢ ص ١٤٤.