التكليف المشمول لإطلاق الموصول هو التكليف بمعناه المصدري حتى يكون المراد تكليف العباد بالتكليف بنحو المفعول المطلق ، بل المراد من التكليف الذي يشمله الموصول هو ذات الحكم الشرعي كالواجب والحرام ونحوهما ، وعليه فذات التكليف هو كالمال مفعول به لا مفعول مطلق فيصير التكليف بالمعنى المذكور موضوعا للطلب والمؤاخذة كما أنّ المال موضوع لذلك ، ومما ذكرناه يظهر أنّه لا يرد عليه ما أورده شيخنا الأعظم قدسسره من أنّه لو اريد من الموصول نفس الحكم والتكليف كان إيتائه عبارة عن الإعلام به ، لكن إرادته بالخصوص ينافي مورد الآية وإرادة الأعمّ منه ومن المورد تستلزم استعمال الموصول في معنيين إذ لا جامع بين تعلّق التكليف بنفس الحكم والفعل المحكوم عليه فافهم. (١)
ومراده كما أفاد سيدنا الإمام المجاهد قدسسره أنّ إرادة الأعمّ من الموصول مع إسناد فعل واحد إليه غير ممكن في المقام ، إذ لو اريد من الموصول نفس التكليف يكون بمنزلة المفعول المطلق ، ولو اريد مع ذلك الأمر الخارجي الذي يقع عليه التكليف يصير مفعولا به ، وتعلّق الفعل بالمفعول المطلق سواء كان نوعيّا أم غيره يباين نحو تعلّقه بالمفعول به لعدم الجامع بين التكليف والمكلف به بنحو يتعلق التكليف بهما على وزان واحد وإن شئت قلت المفعول المطلق هو المصدر أو ما في معناه المأخوذ من نفس الفعل ، والمفعول به ما يقع عليه الفعل المباين معه ولا جامع بين الأمرين حتى يصح الإسناد. (٢)
وذلك لما عرفت من أنّ المراد من الموصول هو مفعول به لا الجامع بين المفعول به والمفعول المطلق حتى يقال : لا جامع بينهما ؛ لعدم الحاجة إليه ، إذ الموصول الذي يكون مفعولا به يشمل ذات الحكم الشرعي ، والحكم الشرعي يكون حينئذ مفعولا به ، والآية الكريمة تدلّ على نفي الطلب والمؤاخذة إلّا بالنسبة إلى ما آتاه وهو بإطلاقه يشمل المال وذات الحكم والتكليف ، وليس المراد هو التكليف بالتكليف بالمعنى المصدري حتى يكون مفعولا
__________________
(١) فرائد الاصول ، ص ١٩٣.
(٢) تهذيب الاصول ٢ ، ص ١٤٣.