الشبهة الحكمية والموضوعية ولذا قال في نهاية الأفكار دلالة هذه الرواية على المطلوب ظاهرة لو كانت هي غير رواية مسعدة بن صدقة (١) وإلّا ففيها إشكال من جهة موارد انطباقها كما سيأتي إن شاء الله تعالى بل عمومية دلالتها متوقفة على كونها غير رواية عبد الله بن سليمان وإلّا فالظاهر اختصاصها بالشبهة الموضوعية فإنّ السؤال فيها عن الجبن من جهة احتمال أن يكون الجبن مما فيه الميتة فأجاب الإمام بالحلية حتى تقوم الحجة على أنّ فيه ميتة وأمّا الإيراد على الرواية بأنها في صدد الترخيص لارتكاب أطراف المعلوم بالإجمال فيكون وزانه وزان قوله عليهالسلام كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فإنّ المتبادر منهما هو جواز التصرف في الحلال المختلط بالحرام الذي جمع رواياته السيّد الفقيه الطباطبائي قدسسره في حاشيته على المكاسب عند بحثه عن جوائز السلطان ولا ترتبطان بالشبهة البدئيّة. (٢)
ففيه أنّ هذا الإيراد لو كان واردا في مثل كل شيء فيه حلال وحرام لما كان واردا في مثل قوله «كل شيء لك حلال حتى تعرف أنّه حرام» فإنّ المفروض فيه ليس هو اجتماع الحلال والحرام مع اشتباه كل واحد بالآخر حتى يكون مربوطا بباب اختلاط الحرام بالحلال بل الأمر كذلك في مثل قوله كل شيء فيه حلال وحرام إذ لم يفرض فيه الاختلاط فتدبر جيدا.
ومنها : خبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سمعته يقول كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك.
وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة والمملوك عندك لعله حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا أو امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة. (٣)
لم يستدل شيخنا الأعظم قدسسره بهذه الرواية على البراءة في الشبهة الحكمية ولعل وجه ذلك
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٢٤٣.
(٢) راجع تهذيب الأصول ٢ : ١٧٥.
(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ح ٤.