هو اشتمالها على جملة من أمثلة الشبهة الموضوعية فرأى اختصاصها بها أو رأى أنّ الرواية في مقام إبراز حلية جامعة بين حليات متعددة من قواعد مختلفة جمعت في قضية واحدة فالجملة إخبار عن القواعد المختلفة لا إنشاء يدل على إنشاءات متعددة أو رأى شيئا آخر.
ولكن استدل بها في الكفاية في الشبهة الحكمية حيث قال ومنها قوله عليهالسلام كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه الحديث حيث دل على حلية ما لم يعلم حرمته مطلقا ولو كان من جهة عدم الدليل على حرمته وبعدم الفصل قطعا بين إباحته وعدم وجوب الاحتياط فيه وبين عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبية يتم المطلوب مع إمكان أن يقال ترك ما احتمل وجوبه مما لم يعرف حرمته فهو حلال تامل. (١)
وكيف ما كان فقد أورد عليه أوّلا : بأن قوله عليهالسلام (بعينه) ظاهر في الاختصاص بالشبهة الموضوعية وذلك لأن حمل هذه الكلمة على التأكيد بأن يكون المراد منها تاكيد النسبة والاهتمام بالعلم بالحرمة خلاف الظاهر إذ الظاهر أن يكون احترازا عن العلم بالحرام لا بعينه ولا ينطبق إلّا على الشبهة الموضوعية إذ لا يتصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية فإنّه مع الشك في حرمة شيء وحليته لا علم لنا بالحرام لا بعينه.
وبعبارة أخرى العناوين الكلية إمّا أن تكون معلومة الحرمة أو لا تكون كذلك فعلى الأول تكون معلومة الحرمة بعينها وعلى الثاني لا علم بالحرمة أصلا.
نعم يتصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية مع العلم الإجمالي بالحرمة ومن الظاهر أنّ هذا الحديث لا يشمل العلم الإجمالي بالحرمة إذ جعل الترخيص في الطرفين مع العلم بحرمة أحدهما إجمالا مما لا يمكن الجمع بينهما ثبوتا ويتناقضان.
وأمّا الشبهة الموضوعية فلا ينفكّ الشك فيها عن العلم بالحرام لا بعينه فإنّا إذا شككنا في كون مائع موجود في الخارج خمرا كان الحرام معلوما لا بعينه إذ نعلم إجمالا بوجود الخمر في الخارج المحتمل انطباقه على هذا المائع فيكون الحرام معلوما لا بعينه.
__________________
(١) الكفاية ٢ : ١٧٦.