الرواية النظر إلى مرحلة البقاء وإنّ ما أخذه المكلف وكان حلالا له على أساس قاعدة شرعية يبقى حلالا ولا ينبغي أن يوسوس فيه وفي مناشئ حصوله حتى يستبين خلافه أو تقوم به البيّنة وبهذا تكون أجنبيّة عن البراءة إذ ليست في مقام جعل البراءة كما أن في الأمثلة المذكورة لا يوجد ما يكون موردا لها. (١)
وفيه أنه ليس بجواب بل هو تصديق للإشكال ببيان آخر هذا مع أنّ حمل الرواية على ما ذكر خلاف الظاهر جدا فإنّ ظاهر الرواية إنّ الشك في أصل الحليّة والحرمة لا في بقائهما ومما ذكر يظهر أنه لا محيص عن هذا الإشكال لأن الأمثلة لا تساعد مع القاعدة المذكورة في صدرها اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ المشكل هو تطبيق الكبرى على الأمثلة لا أصل الكبرى فيمكن الأخذ بها.
وأما عن الثالث فبأنّ قيام البيّنة وإن اختص بالشبهة الموضوعية إلّا أنه يمكن أن يقال إنّ الاستبانة المذكورة في الذيل تعم الاستبانة العلمية القطعية وغيرها الحاصلة بمثل خبر الواحد أو الظواهر وعليه فذكر قيام البيّنة بعد الاستبانة من قبيل ذكر الخاص بعد العام ولا شاهد فيه على الاختصاص فتحصّل أنّ الرواية لا تخلو عن الإشكال ولو من ناحية الإشكال الثاني كما عرفت ولكن مع ذلك يمكن الأخذ بالكبرى المذكورة فيها مع قطع النظر عن الأمثلة التي فيها هذا لو لا الإشكال في سندها من الضعف والظاهر أنّ السند ضعيف فإنّ مسعدة بن صدقة عامي ولم يوثق ولكن المحكي من السيّد المحقق البروجردي قدسسره هو اتحاده مع مسعدة بن زياد الربعي الثقة واستشهد لذلك باتحاد مضمون رواياتهما التي تقرب عشر روايات وأيّده بأنّ المروي في بعض طرق الكافي هكذا عن مسعدة بن صدقة عن زياد والظاهر عندي أنّ الصحيح هو مسعدة بن صدقة بن زياد وعليه يكون زياد اسم جد مسعدة وكثيرا ما كانوا يحذفون اسم الأب وينسبون إلى الجد وعليه كلمة «عن زياد» تصحيف ابن زياد انتهى.
__________________
(١) مباحث الحجج ٢ : ٦٧.