ويمكن الجواب عنه بأنّ القراءات الشائعة تكون في مرأى ومنظر الأئمة عليهمالسلام وحيث أنّهم لم يردعوا عنها ـ إذ لو ردعوا عنها لوصل الردع إلينا ـ جاز الاكتفاء بالقراءات الشائعة المعروفة في عهد الأئمة عليهمالسلام.
ثم لا وجه لتخصيص القراءات المعروفة بالقراءات الشائعة في زمان الإمام الصادق عليهالسلام حتى يشكل في قراءة غير هؤلاء أعنى ابن كثير المتوفّى في سنة ١٢٠ وابن عامر المتوفّى في سنة ١١٨ وعاصم المتوفّى في سنة ١٢٨ او ١٢٩ ونافع المتوفّى في سنة ١٦٩ وابن العلاء المتوفّى في سنة ١٥٤ و ١٥٥ وحمزة المتوفّى في سنة ١٥٨ و ١٥٤ والكسائي المتوفّى في سنة ١٨٩ ؛ لعدم ثبوت كون قراءة غير هؤلاء شائعة في زمان الإمام الصادق عليهالسلام المتوفّى في سنة ١٤٨. لكفاية شيوعها في عهد سائر الأئمة عليهمالسلام ، مع عدم ردعهم عنها. هذا مضافا إلى دعوى الإجماع عن التبيان ومجمع البيان ، بل السيرة القطعيّة على القراءة بالقراءات المعروفة المتداولة ، واعتبار بعض الأخبار كخبر سفيان بن السمط قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن ترتيل القرآن فقال : اقرءوا كما علّمتم (١) ؛ إذ سفيان بن السمط ممن روى عنه ابن أبي عمير والسؤال عن الترتيل لا ينافي عموم الجواب ، كما لا يخفى.
لا يقال : يكفي في الردع موثقة داود بن فرقد المروية عن الكافي عن عدّة من أصحابنا عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن علي بن الحكم عن داود بن فرقد والمعلّى بن خنيس جميعا قالا : كنا عند أبى عبد الله عليهالسلام فقال : إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال ، ثم قال : أمّا نحن فنقرؤه على قراءة أبي (٢) ؛ لدلالته على تخطئة غير قراءتهم ، وهي قراءة أبى بضم الهمزة او بفتح الهمزة والمراد قراءة ابيه.
لأنّا نقول : إنّ هذه الرواية محمولة على أنّ عندهم في الواقع ، وهي القراءة الصحيحة ، ولكنّها غير مذكورة للناس ، وإلّا لكانت شائعة. ولا تنافي هذه الرواية مع ما عرفت من تقرير القراءات المعروفة لمصلحة من المصالح وجريان السيرة عليها.
__________________
(١) الوسائل الباب ٧٤ من ابواب القراءة في الصلاة ح ٣.
(٢) الوسائل الباب ٧٤ من ابواب القراءة فى الصلاة ، ح ٤.