وتقريب الاستدلال بهذه الموثقة بأن الظاهر منها هو السؤال عن الشبهة الحكمية وعليه فقوله عليهالسلام في الجواب وتأخذ بالحائطة لدينك بيان للزوم الاحتياط بذكر مناطه كما في قولك للمخاطب أرى لك أن توفي دينك وتخلص نفسك والحاصل أن الرواية تدل على لزوم الاحتياط في الشبهة الحكمية مطلقا.
ولا يخفى عليك أنه إن كانت الشبهة المذكورة في الرواية حكمية من جهة أنّ السائل احتمل اشتراط ذهاب الحمرة المشرقية في تحقق الغروب الشرعي ففيه كما في فرائد الاصول إن إرادة الاحتياط في الشبهة الحكمية وإن كانت بعيدة عن منصب الإمام عليهالسلام لأنه لا يقرر الجاهل بالحكم على جهله إلّا أنه يمكن أن يكون هذا النحو من التعبير لأجل التقية لإيهام أنّ الوجه في التأخير هو حصول الجزم باستتار القرص وزوال احتمال عدمه لا أنّ المغرب لا يدخل مع تحقق الاستتار كما أنّ قوله «ارى لك أن تنتظر» يستشم منه رائحة الاستحباب فلعل التعبير به مع وجوب التأخير من جهة التقية وحينئذ فتوجيه الحكم بالاحتياط لا يدل إلّا على رجحانه. (١)
فالاحتياط ليس جديا وإنما أمر به لأجل التقية ومع هذا البيان يسقط الاستدلال بالرواية على وجوب الاحتياط قال في الدرر ويمكن أن يكون قوله عليهالسلام «وتأخذ بالحائطة لدينك» متمما للفقرة الأولى لا تعليلا لها فالمراد على هذا أنّه يجب عليك الانتظار على نحو الاحتياط من دون أن يلتفت إلى مذهبك أحد. (٢) وهو يرجع أيضا إلى أنّ الأمر بالاحتياط لأجل التقية لا من جهة لزوم الاحتياط في الشبهة الحكمية.
هذا مضافا إلى ما في مباحث الحجج من إمكان حمل الرواية في هذا الفرض على الإرادة الجدية من ناحية الاحتياط بدعوى أن ذهاب الحمرة المشرقية ليس مأخوذا في الحكم الواقعي بنحو الموضوعية والشرطية بل بنحو المعرفية والطريقية إلى مرتبة من غياب
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢١٠.
(٢) الدرر : ٤٣٤.