المخالفة لا بالموافقة ولذلك ذهب بعض الأعلام إلى جريان أصالة البراءة والإباحة مع موافقتهما مع الاستصحاب فلا تغفل ثم إنّه يتفرع على هذا التنبيه فروع.
منها : ما ذكره الشيخ الأعظم قدسسره من أنه لو شك في حلية أكل لحم حيوان مع العلم بقبوله التذكية جرت أصالة الحل بخلاف ما إذا شك في الحلية من جهة الشك في قبوله للتذكية وعدمه إذ الحكم حينئذ هو الحرمة لأصالة عدم التذكية لأن من شرائطها قابلية المحل وهي مشكوكة فيحكم بعدمها وكون الحيوان ميتة انتهى. (١)
هذا بالنسبة إلى الشبهة الحكمية وأما الشبهة الموضوعية فقد أشار إليه بقوله ، (٢) أيضا ومن قبيل ما لا يجري فيه أصالة الإباحة اللحم المردد بين المذكى والميتة فإنّ أصالة عدم التذكية المقتضية للحرمة والنجاسة حاكمة على أصالتي الإباحة والطهارة انتهى.
ولا يخفى عليك أنّ التذكية حيث تعرض على الحيوان لا على الأجزاء والأعضاء أمكن حينئذ منع جريان أصالة عدم التذكية في القطعات المرددة من المذكى والميتة إذ لا تذكية لها ثم إن الشيخ قدسسره أورد بعض الإشكالات والجواب عنها بقوله وربما يتخيل خلاف ذلك تارة لعدم حجية استصحاب عدم التذكية وأخرى لمعارضة أصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت والحرمة والنجاسة من أحكام الميتة والأوّل مبني على عدم حجية الاستصحاب ولو في الأمور العدمية والثاني مدفوع أوّلا : بأنه يكفي في الحكم بالحرمة عدم التذكية ولو بالأصل ولا يتوقف على ثبوت الموت حتى ينفى بانتفائه ولو بحكم الأصل والدليل عليه استثناء ما ذكيتم من قوله وما أكل السبع فلم يبح الشارع إلّا ما ذكي وإناطة إباحة الأكل بما ذكر اسم الله عليه وغيره من الأمور الوجودية المعتبرة في التذكية فإذا انتقى بعضها ولو بحكم الأصل انتفت الإباحة.
وثانيا : انّ الميتة عبارة عن غير المذكى إذ ليست الميتة خصوص ما مات حتف أنفه بل
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢١٨.
(٢) في الفرائد : ٢٢٣.