أضف إلى ذلك ما تقدم من أنّ استصحاب العنوان الذي يلائم مع عدم وجود الموضوع لا يثبت كون هذا الحيوان غير قابل إلّا على القول بالأصل المثبت فإن استصحاب العام بعد العلم بانتفاء أحد فرديه لا يثبت به بقائه في ضمن الفرد الآخر فلا يمكن إثبات الأثر المترتب على الفرد نعم لو كان لنفس العام أثر يترتب به كما لا يخفى. (١)
ولقائل أن يقول عدم قابلية الحيوان الموجود لازم في ظرف ترتب الحكم وهو ظرف التعبد الاستصحابي لا ظرف اليقين حتى ينافي كونه من باب السالبة بانتفاء الموضوع في ظرف اليقين وعليه فاستصحاب عدم قابلية الحيوان إلى ظرف ترتب الحكم وهو حال وجود الحيوان يكفي للتعبد بعدمها ومعه لا مجال لأصالة عدم التذكية وإن أبيت عن ذلك فلا تجري إلّا أصالة عدم التذكية المعلومة حال حيوة الحيوان وبقية الكلام في محله راجع التنبيه الثالث من مباحث المقصد الرابع في العام والخاص.
ومنها : ما أشار إليه في نهاية الأفكار من أنه لو شك في الحكم الوجوبي أو التحريمي لأجل الشك في النسخ فإنه تجري فيه أصالة عدم النسخ وبجريانها لا يبقى مورد لأصالة الإباحة والبراءة عن التكليف. (٢)
ومنها : ما أفاده شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره حيث قال ومن أمثلة المقام أعني الشبهة الموضوعية التحريمية التي كان فيها أصل موضوعي مانع عن إجراء البراءة العقلية والشرعية المال المردد بين كونه حلال التصرف أو حرامه وهو نحوان.
الأول أن يكون الشك بعد إحراز كونه مال الغير في طيب نفسه وعدمه وهذا واضح إنّ الأصل الموضوعي فيه عدم الطيب لأنه معلوم ولو بالعدم الأزلي كما لو شككنا من أول وجود المال إنه هل وجد مقرونا بطيب نفس المالك أم بغيره فاستصحاب عدمه الأزلي كاف في إثبات الحرمة لأن اعتبار الطيب إنما هو حسب ظاهر الدليل يكون بنحو مفاد كان التامة لا الناقصة.
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٢٢١.
(٢) نهاية الأفكار ٣ : ٢٥٥.