التعيينى والذي يقتضي الشغل بالخاص إنما هو إذا أحرز كونه على الوجه الثاني وأما إذا شك فيه وفي الوجه الأول فكون قضيّته أيضا هو الاشتغال أول الكلام.
قلت يدفع هذا النزاع بمراجعة العرف في من سمع نداء المولى بإكرام الزيد فأجابه بإكرام العمرو معتذرا بأني احتملت كون تعلّقه بالزيد بدليا وكان بدله العمرو ولم أقطع أنه متعلق به معينا فهل تراهم يعدونه معذورا عندهم حاشا وكلّا. (١)
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الواجب التعييني والتخييري من سنخ واحد ويمكن أن يرجع إلى جامع انتزاعي وبين ان لا يكون كذلك ولا يرجع إلى جامع انتزاعي كما هو الظاهر فإن الخطاب في موارد التخيير الشرعي متعلق بالأشياء الخاصة كخصال الكفارات والطلب في مثلها واحد له شعب متعددة يبعث المخاطب نحو أشياء متعددة لا على الاستغراق فإنه لم يتعلق بالجامع ولا على المجموع فإن الأشياء لم تلحظ شيئا واحدا بحيث يكون الأطراف فيه أجزاء لواحد بل يبعث المخاطب نحو الأشياء الخاصة على نحو البدلية كقوله ايت بهذا أو ذاك وهذا نوع مستقل في قبال الوجوب التعييني وليس من سنخه وكيف كان فلا فرق في أن العرف لا يحكم بالاعتذار في ترك الخاص الذي يكون موردا للخطاب بمجرد احتمال كون الخطاب فيه بدليا من دون فرق بين أن يمكن إرجاع الخطاب إلى جامع واحد وان لا يمكن لفرض تعلّق الخطاب بالخاص.
ويعتضد ذلك بما أفاده المحقق النائيني قدسسره من أنه لا فرق (في وجوب الاحتياط) بين القول بأن الواجب التخييري عبارة عن تقييد الإطلاق واشتراط التكليف في كل واحد من الفردين بما إذا لم يأت بالآخر والقول بأنه بنفسه سنخ آخر من الطلب يقابل الواجب التعييني بل رجوع الشك إلى الشك في الامتثال والسقوط لو كان من باب تقييد الإطلاق أوضح فإن الشك يرجع إلى الشك في السقوط على كل حال ولو كانت صفة العينية وجودية فإنه لو قلنا بأن الواجب التخييري من باب تقييد الإطلاق فالتقييد إنما يكون باعتبار البقاء ومرحلة السقوط باعتبار الثبوت ومرحلة الحدوث.
__________________
(١) أصول الفقه لشيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره ٣ : ٧١١ ـ ٧١٢.