بالنسبة إلى أصالتى الإباحة والطهارة لأنا نقول : بأنّ عدم التذكية ولو بالأصل موضوع لحرمة الأكل كما يشهد له استثناء «ما ذكيتم» من قوله «وما أكل السبع» في الآية الكريمة فلم يبح الشارع إلّا ما ذكي فيدل ذلك على إناطة إباحة الأكل بما ذكر اسم الله عليه وغيره من الأمور الوجودية المعتبرة في التذكية فإذا انتفى بعضها ولو بحكم الأصل انتفت الإباحة وعليه ولا يتوقف ثبوت الحرمة على ثبوت الموت حتى ينفي بانتفائه ولو بحكم الأصل وهو استصحاب عدم الموت.
هذا مضافا إلى أنّ عنوان الميتة عنوان عدمي وهو مساوق لعنوان غير المذكى فلا يكون أمرا وجوديا حتى لا يمكن إثباته بأصالة عدم التذكية وعليه فمع أصالة عدم التذكية يصدق عنوان الميتة أيضا لمساوقة العنوانين في المعنى فلا منافاة بين ترتب الحرمة والنجاسة على عنوان الميتة التى هي عبارة شرعا عن كلّ زهاق روح انتفى فيه شرط من شروط التذكية وبين ترتبهما على عنوان غير المذكى بعد وحدتهما في المعنى.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الزهوق أمر وجودي والمفروض أنّه مأخوذ في معنى الميتة وعليه فلا يكون عنوان الميتة عدميا.
والتحقيق أنّ حرمة أكل اللحم مترتب على عدم التذكية بمقتضى قوله تعالى (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) وهكذا عدم جواز الصلاة بخلاف النجاسة فإنّها مترتبة على عنوان الميتة والموت في عرف المتشرعة على ما صرح به في مجمع البحرين زهاق النفس المستند إلى سبب غير شرعي كخروج الروح حتف الأنف أو بالضرب وغيره فيكون الموت أمرا وجوديا لا يمكن إثباته بأصالة عدم التذكية.
وعليه فيتمّ دعوى معارضة أصالة عدم التذكية مع أصالة عدم الموت فيتساقطان فيرجع إلى قاعدة الطهارة إلّا أنّ التحقيق جريان أصالة عدم التذكية مع أصالة عدم الموت لأنّ مجرد كون عدم التذكية ملازما للموت غير مانع من جريانهما فإنّ التفكيك بين اللوازم في الأصول العملية غير عزيز ففي المقام يحكم بعدم جواز الأكل بمقتضى أصالة عدم التذكية وبالطهارة لأصالة عدم الموت.