عليه من غير قرينة فإنّ لفظ الكتاب ظاهر فيما كان له وجود واحد جمعي ولا يطلق على المكتوب إذا كان مجزئا غير مجتمع فضلا عما إذا لم يكتب وكان محفوظا في الصدور. (١)
والحاصل أنّ حديث الثقلين يدلّ على تدوين القرآن وجمعه في عصر النبيّ صلىاللهعليهوآله وتركه بين الأمة إلى التالي لتمسك الناس بهما وذلك يدلّ على بقائه على ما هو عليه في عصر النبي صلىاللهعليهوآله من دون تحريف ونقصان وحيث إنّ حديث الثقلين متواتر وقطعي يقدم على كل خبر ورواية يدلّ على التحريف بنحو من الأنحاء كما لا يخفى.
ومما ذكر يظهر أن إسناد جمع القرآن إلى الخلفاء أمر موهوم مخالف للكتاب والسنة والإجماع والعقل وعليه فليس معنى جمع القرآن في عصر عثمان هو جمع الآيات والسور في مصحف بل المقصود من جمعه كما افاد السيد الخوئى قدسسره هو أنّه جمع المسلمين على قراءة واحدة وأحرق المصاحف الأخرى التى تخالف ذلك المصحف وكتب إلى البلدان أن يحرقوا ما عندهم منها ونهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة وقد صرح بهذا كثير من أعلام اهل السنة قال الحارث المحاسبى المشهور عند الناس إنّ جامع القرآن عثمان وليس كذلك إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات. (٢)
ولم ينتقد على عثمان أحد من المسلمين وذلك لأنّ الاختلاف في القراءة كان يؤدّي إلى الاختلاف بين المسلمين وتخريق صفوفهم وتفريق وحدتهم بل كان يؤدّي إلى تكفير بعضهم بعضا ولكن الأمر الذي انتقد عليه هو إحراقه لبقيّة المصاحف وأمره أهالى الأمصار بإحراق ما عندهم من المصاحف وقد اعترض على عثمان في ذلك جماعة من المسلمين حتى سمّوه بحرّاق المصاحف. (٣)
وأيضا ينقدح مما تقدّم ضعف الاستدلال على التحريف بما ورد من أنّ عليا عليهالسلام كان له
__________________
(١) البيان : ١٦٧ ـ ١٥٢.
(٢) الاتقان : ١ / ١٠٣.
(٣) البيان : ١٧٢ ـ ١٧١.