ومنها أخبار الثقلين الدالّة على أنّهما باقيان بين الأمة غير مفترقان وأنّ التمسك بهما يوجب الهداية وينفى الضلالة ومقتضى عمومية ذلك لجميع الآحاد والأزمان هو صيانتهما عن التحريف وعروض الخطأ والاشتباه إذ مع نفوذ الخطأ والتحريف لا يكون الكتاب متروكا عندهم.
هذا مضافا إلى أنّه لا يصلح المحرّف لتضمين الهداية ونفي الضلالة. ولا مجال لاحتمال كفاية وجود القرآن واقعا عند المعصوم لأنّه حينئذ لا يكون متروكا بين ايديهم والمفروض أنّ مفاد الحديث هو ترك القرآن في جامعة المسلمين هذا مضافا إلى أنّ التمسك الذي أمر به لا يمكن إلّا بإمكان الوصول إليه وعليه فلا بد من أن يكون القرآن موجودا بين الأمة في زمان حياته وبعد مماته حتى يمكن لهم أن يتمسكوا به ويحفظوا بالتمسك به عن الضلال.
وأيضا تدلّ هذه الأخبار على وجود العترة واقترانهم مع الكتاب وكونهما باقيان بين الأمّة لرفع الضلالة إذا التمسك بالعترة يتحقق بوجود العترة العالمة بأوامر الله ونواهيه بين الأمّة مع إمكان أخذ أوامرهم ونواهيهم.
نعم الأخذ المذكور لا يتوقف على الاتصال المباشرى بالإمام والمخاطبة معه شفاها فإنّ ذلك لا يتيسّر لجميع المكلفين حتى في زمان الحضور فضلا عن الغيبة بل ذلك يحصل بوسيلة الرواة والفقهاء الناقلين لكلماتهم الذين أمروا بالرجوع إليهم في الحوادث الواقعة لأخذ الأوامر والتكاليف المأتيّة من ناحيتهم عليهمالسلام فالقرآن ومكتب أهل البيت موجودان بين الأمّة ويصلحان للهداية ونفي الضلالة لمن أراد من دون اختصاص بزمان أو مكان.
ثم إنّ قوله صلىاللهعليهوآله إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لا يساعد مع تضييع بعض القرآن في عصره فإنّ المتروك حينئذ هو بعض الكتاب لا جميعه مع أنّ الظاهر من الكلام المذكور هو ترك الكتاب بجميعه بين الأمّة في زمان حياته وبعد مماته بل هذه الروايات كما أفاد السيد الخوئى قدسسره تدلّ بالصراحة على تدوين القرآن وجمعه في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله لأنّ الكتاب لا يصدق على مجموع المتفرّقات إلّا على نحو المجاز والعناية والمجاز لا يحمل اللفظ