مع احتمال الاقتران لا علم بالظهور فاللازم فيه هو أن يرجع أصالة الظهور إلى أصالة عدم وجود القرينة والاقتران المذكور فمع البناء على عدم وجود الاقتران المذكور يتحقق الظهور فيؤخذ به ففي مثله يرجع الأصالة الوجودية إلى الأصالة العدمية ومما ذكر يظهر ما في الكفاية من أنّ الظاهر أنّه معه يبنى على المعنى الذي لولاها كان اللفظ ظاهرا فيه ابتداء لا أنّه يبنى عليه بعد البناء على عدمها كما لا يخفى ، فافهم. (١)
وذلك لما عرفت من أنّ مع عدم جريان أصالة عدم وجود الاقتران المذكور لا مجال لانعقاد الظهور حتى يؤخذ به كما لا مجال للأخذ بأصالة الظهور مع احتمال غفلة المتكلم عن مراده بل اللازم هو الرجوع إلى أصالة عدم الغفلة قبل الأخذ بأصالة الظهور كما لا يخفى.
وإن كان عدم العلم بالظهور وإرادته من جهة احتمال وجود القرينة منفصلا عن الكلام فالحق هو انعقاد الظهور إذ المانع المنفصل لا يمنع عن الظهور بل الحق أنّه لا يمنع عن كشفه عن المراد إذ المانع عن إرادته ليس بوجوده الواقعي بل بوجوده الواصل والمفروض أنّه لم يصل ففي هذه الصورة يؤخذ بأصالة الظهور ولا حاجة إلى رجوعها إلى أصالة عدم وجود المانع لأنّ المانع عند العقلاء هو الكاشف الأقوى الواصل فمع عدم وصوله الوجداني لا مانع قطعا فيؤخذ بأصالة الظهور ولو فيما لا تجري فيه أصالة عدم القرينة كما إذا كان الشك في قرينية المنفصل.
وإن كان عدم العلم بالظهور والإرادة من جهة احتمال قرينيّة الموجود في الكلام فلا أصل في المقام إذ مع احتمال قرينيّة الموجود لا ينعقد الظهور فلا مجال للأخذ بأصالة الظهور كما لا مجال لأصالة عدم قرينيّة الموجود إذ لا حالة سابقة لها بل يعامل معه العقلاء معاملة المجمل وإن أمكن التعبد بأصالة الظهور ولكنه لم يثبت.
فتحصّل أنّ إطلاق القول برجوع الاصول الوجودية إلى الاصول العدمية أو إطلاق القول بعدم الرجوع إليها لا يخلو عن النظر بل الصحيح هو التفصيل بحسب الموارد كما عرفت.
__________________
(١) كفاية : ٢ / ٦٥.