وإن كان عدم العلم بالظهور ناشئا عن الشك في الموضوع له لغة أو الشك في المفهوم من اللفظ عرفا فلا دليل على تعيين شيء بمجرد الظنّ فإنّ الأصل يقتضى عدم حجيّة الظنون خرج منه الظنون المتيقنة استفادتها من الألفاظ وأمّا الظنون غير المتيقنة استفادتها فلا دليل على اعتبارها.
قال الشيخ الأعظم قدسسره : والأوفق بالقواعد عدم حجيّة الظنّ هنا لأنّ الثابت المتيقّن هى حجيّة الظواهر وأمّا حجيّة الظن في أنّ هذا ظاهر فلا دليل عليه. (١)
وذلك واضح فإنّ مع عدم العلم بالظهورات فلا يجوز التمسّك بما دلّ على حجيّة الظواهر فإنّه تمسّك بالعام في الشبهات الموضوعية كما لا يخفى.
هذا بناء على ما ذهب إليه المحقّقون كالشيخ الأعظم والمحقّق الخراساني من وجود بناء العقلاء على عدم وجود القرينة فيما إذا شكّ في وجود القرينة مطلقا ولكن استشكل سيدنا الاستاذ المحقق الداماد في محكي كلامه في تحقق بناء العقلاء اذا وصل إلى غير المقصود بالإفهام كلام المتكلم ولو كان بألفاظه كما إذا كان بالكتابة في قرطاس واحتمل وجود القرينة بينه وبين المقصود بالإفهام ولم يكن في البين ما يوجب الاطمئنان بعدمها كما في المكاتبات والمكالمات الرمزيّة السرّية التى كان البناء فيها على إخفاء المطالب الواقعية إذ ليس أصالة عدم وجود القرينة أصلا متبعا عند العقلاء في هذا المورد. (٢)
ويمكن أن يقال إنّ الإشكال المذكور فيما إذا لم يكن المقصود بالإفهام ناقلا لغيره بعنوان الوظيفة العامة وإلّا فلا مجال للإشكال في وجود البناء كما لا يخفى.
__________________
(١) فرائد الاصول : ٤٥.
(٢) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقق الداماد ٢ / ٩٥ ـ ٩٦.