الاعتناء باحتمال إرادة الخلاف إذا كان الاحتمال المذكور مسببا عن اختفاء امور لم يجر العادة القطعيّة أو الظنيّة بأنها لو كانت لوصلت إلينا.
يمكن أن يقال أوّلا : إنّا نمنع عدم كون الأخبار الواصلة كالكتب المؤلفة فإنّها وإن كانت كثيرا ما بعنوان الأجوبة عن الأسئلة ولكن تكون في مقام بيان وظائف النّاس من دون دخالة لخصوصيّة السائلين ولا لعصر دون عصر سيما إذا كان السؤال من مثل زرارة ومحمّد بن مسلم فأنّهما في مقام أخذ الجواب لصور المسائل بنحو يكون من القوانين الكلّية وأيضا نمنع اختصاص الظّهورات القرآنيّة لقوم دون قوم بعد جريان القرآن كمجرى الشمس ويشهد لذلك دعوته جميع النّاس في كل عصر إلى التدبّر في آياته والاتّعاظ بمواعظه فكما تكون في الكتب المؤلفة من المقصودين بالافهام فكذلك بالنّسبة إلى الأخبار المذكورة والقرآن الكريم.
وثانياً : إنّا ننكر عدم حجّيّة الظّهورات اللّفظية بالنّسبة إلى غير المقصودين بالافهام ما لم يحرز أنّ بناء المتكلم على القاء الرّموز والاكتفاء بالقرائن الخفية المعلومة بين المتكلم والسامع لجريان أصالة عدم القرينة بالنسبة إلى غير المقصودين بالافهام أيضا عند العقلاء ويشهد لذلك سيرة أصحاب الأئمّة عليهمالسلام فإنّهم كانوا يعملون بظواهر الأخبار الواردة إليهم كما يعملون بما يسمعون من أئمّتهم عليهمالسلام.
فما ذهب إليه المحقّق القمّي محل منع صغرى وكبرى ، أما الصغرى فلما عرفت من أنّا من المقصودين بالافهام وأمّا الكبرى فلما ذكرنا من جريان أصالة عدم القرينة بالنّسبة إلى غير المقصودين بالافهام عند العقلاء فلو سلمنا أنّا غير مقصودين بالافهام لكانت الظّهورات حجة لنا أيضا.
ودعوى اتكال الأئمّة عليهمالسلام على القرائن المنفصلة مندفعة بأنّه وإن كانت صحيحة إلّا أنّه لا يقتضي اختصاص حجّيّة الظّهورات بمن قصد افهامها بل مقتضاه هو الفحص عن القرائن ومع عدم الظّفر يؤخذ بالظهورات.